ليست القضية بهذه البراءة ولا هو خطأ في الحسابات. إنه منهج للقتل يقتضي تداخل الأصوات، وتوزيع نسيج واحد يرتديه المجرم و الضحية، فيطول الزمن إلى حدود التيه من أجل الفصل والفرز. القضية لها مظاهرها المتعددة ولا تقتضي بالضرورة الغوص إلى النفوس والضمائر، بل يمكن سماعها في الخطاب المباشر، و قراءتها في المكتوب منه، ابتداء من أمر العمليات المسلحة اليومي وانتهاء بجدران الشوارع ونصب الساحات.
دعوات للقتل للذبح لـ «النحر» يا حيف! وللإبادة، لا تجد من يرفضها فيعلي صوته ليفضحها! يسكت عنها المثقف والعادي، هذا يقتدي بخيانته التاريخية، وذاك يقتدي بمشاعره البدائية، وأولها الطائفية، وسيكون مخطئاً بلا حدود من يظنها تقتصر على تيار دون آخر، أو طائفة دون أخرى، فلكل طائفة رعاعها. وتحت رداء خلط الأوراق والألوان يتشجع مجرمون يتعيشون من مردود جرائمهم، يقتلون... يخطفون و يطلبون الفدية... يسلبون ويتسترون بالدفاع عن الممتلكات ويطلبون من الله المغفرة، بل يعدون أنفسهم بالجنة جزاء ما يفعلون. إذ لا يرون في أنفسهم إلا الشهداء من أي جهة يسقطون!.
اللّهم فاشهد، وياوطني اشهد، ويا شعبي.. ويا شهداء الأمة.. والكل ليشهد، أنه ما أطلق سوري النار على سوري، و كان بريئاً. أبداً.. أبداً، لا يبرأ إنسان من دم أخيه، مهما كانت الحجج وتعددت الأسباب.
أيها المثقفون والمفكرون والوجهاء، كنتم في المعارضة أم في الموالاة، هل اقل من صرخة تفضح أردية القتل وتسقط الستار عن القتلة ؟!
نريد هدنة نقرأ فيها واقعنا، ونتبصر مستقبلنا، فنرفض أن نربطه بالموت، نرفض أن نربطه بالنصر المزعوم، أو بالشهادة، فما ذلك إلا بوابات إرسالنا إلى الجحيم لحماية مصالح مرسلينا.
أوقفوا القتل، أعطونا هدنة كي نلتقي، فنحن الذين نريد اللقاء، مازلنا الأكثرية، ولكن لايُعتد بعددينا لأن الإحصاء للسلاح والقتل فقط. لذلك يجب أن يعلوا ذاك الصوت لينده من كل الجهات: أوقفوا القتل!!..
أيها السوريون أينما كنتم، وإلى أي مذهب أو دين تبعتم، وفي أي المواقع اصطففتم لنتفق جميعاً ولنوحد لغتنا وجهودنا ونداءاتنا على أن يوقف القتل أولاً، ومن ثم لكل حادث حديث وسنجد عشرات الحلول لكل ما يزعمون أنه عالق بيننا كي يجدوا أبواباً مشرعة للتدخل في شؤوننا.
وإلى أن أستفيق من حلمي الرومانسي هذا، أعلن رفضي لموت أي سوري ولأي سبب كان و براءتي من دمه....
as.abboud@gmail.com