وبعد تراجعهم السريع أمام تحرك قوى المعارضة وحالة الإرباك التي دبت في صفوفهم وصفوف من أوهمهم بأنه يغطيهم ويحميهم , لجأ هؤلاء إلى سلاح لطالما لوحوا به أو استخدموه في بعض الأحيان بوصفه المحظور الذي يأبى أي إنسان يتمتع بحد أدنى من المسؤولية والحس السليم أن يستغله لتحقيق أهدافه الضيقة, ألا وهو سلاح التحريض الطائفي .
ومن بيروت إلى طرابلس إلى الجبل والى البقاع والجنوب , كان ثمة من يجيش الناس تحت عناوين طائفية بغيضة في الذاكرة اللبنانية بالذات , برغم أن الجميع يدرك أن ما يحدث أبعد ما يكون عن شبهة الطائفية , ذلك أن كلا الفريقين الموالاة والمعارضة يضمان في صفوفهما قوى وشخصيات من جميع المذاهب والاديان , والأمر هو صراع سياسي , لكنه أبدا ليس صراعا طائفيا , كما يحاول المفلسون في فريق السلطة أن يصورا الأمر بغية إرهاب قوى المعارضة وثنيها عن التحرك حتى لا تقع في هذه المصيدة .
لا شك أن من يلعب على هذا الوتر , إنما يلعب بالنار , والتحريض الطائفي هو سلاح مرتد كما تشهد على ذلك التطورات في العراق وفي لبنان نفسه من قبل, وقد أثبت معظم أهل لبنان في التطورات الأخيرة قدرا عاليا من الوعي , ورفضوا الانجرار وراء من يحرضهم على إخوتهم وجيرانهم لمجرد التغطية على عجزه وإفلاسه .