تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


البراءة ساذجة

معاً على الطريق
الأحد 11-4-2010م
ديانا جبور

المتتبع لعمل المنظمات غير الحكومية ، سيتأكد من تغييرات طفيفة ، لكنها عميقة ومستمرة ، وتؤدي في المحصلة إلى تغييرات نوعية جذرية في خطاب المؤسسات المستفيدة.

وبالقياس على عمل هذا المربع ، سنجد تحركات مماثلة وكثيرة تمتد على كامل الرقعة.‏‏

في البداية يطلب الممولون تجنب الانحياز السياسي ، ثم الحياد ، وأخيراً الانحياز المضاد لتلك البدايات البعيدة.‏‏

في فلسطين مثلاً ، حيث النموذج أوضح ويذهب للأقصى، كانت تلك المنظمات تشترط عدم اعتماد تعبير الاستشهادي على من يعبر على جسده لمقاومة العدو، لأن الوصف ينثني على حكم قيمة إيجابية وعلى انحياز واضح لخيار دون الآخر ولأيديولوجيا صارخة تخدم معسكراً سياسياً محدداً، ما يجرد عمل المنظمة اللاحكومية من طابعها الإنساني ومن حيادها المطلوب.‏‏

لا يلبث الحل أن يأتي سلساً ومقنعاً ، خاصة أنه لا يحمل سوى تغييراً طفيفاً لا يشكل بذاته خيانة أو انحرافاً .. أنه حل اعتماد صيغة العمل الفدائي، وهي أقرب للعمل المقاوم من صيغة الاستشهادي ذي الصبغة الدينية المحضة.‏‏

الطرح مقبول ومنطقي ، لكن لن تمر بضع سنوات ، حتى يرتهن تدفق المعونات ، بتجريد الوصف من أي بعد سياسي أو قيمي، فيسقط وصف العمل الفدائي من أدبيات الجمعية الأهلية ويحل مكانه ( الكاميكاز) لأن بديلها العربي أي العمل الانتحاري مدان في كل الأديان السماوية.‏‏

بضع سنوات أخر ، وقد نتحول إلى شهود بُكم على توصيف جديد ، ألا وهو العمل الإرهابي .‏‏

وراء كل تعبير أو تصرف إرث دهاء ولائحة استحقاقات سياسية عاجلة أو مؤجلة ، إن استمر إصرارنا على التعامل معها ببراءة فلا نكون أكثر من سذج هانئين بغفلتنا.‏‏

لننظر إلى تعبير التيار الاستسلامي ! هل هو بالفعل استسلامي، بمعنى هل كان بمواجهة عدو واستسلم ، أم أنه سلّم قبل أن يواجه؟‏‏

ألا نكون آنذاك أمام فعل خيانة وليس فقط تسليم أو حتى استسلام؟ ذاك تعبير يمر دون تدقيق، ومثله الكثير من الإجراءات والمواقف ، لعل آخرها الإفراج عن تسجيل اغتيال مجموعة صحفيين عراقيين من طائرة أمريكية.‏‏

والسؤال هل الإفراج عن الشريط كان بمحض نيات طيبة ، أو أن الصحافة الغربية بالفعل تستطيع اختراق الحجب وإماطة اللثام عن أخطر الوثائق ، أم أنه ببساطة ولكن بدهاء هو مجرد تسريب مقصود لرفع الغطاء الأخلاقي عن الوجود العسكري الأمريكي في خطوة تمهيدية لانسحابها من العراق، لكن هذه المرة تحت ضغط الرأي العام الأمريكي.‏‏

البراءة حلوة وتغوي لكنها مهلكة إن طغت.‏‏

dianajabbour@yahoo.com‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

  ديانا جبور
ديانا جبور

القراءات: 1070
القراءات: 1073
القراءات: 1005
القراءات: 1163
القراءات: 1129
القراءات: 1457
القراءات: 1622
القراءات: 1828
القراءات: 1450
القراءات: 1308
القراءات: 1592
القراءات: 1511
القراءات: 1587
القراءات: 1672
القراءات: 1331
القراءات: 1402
القراءات: 1379
القراءات: 1714
القراءات: 1675
القراءات: 1618
القراءات: 1574
القراءات: 1264
القراءات: 1382
القراءات: 1520
القراءات: 1618

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية