وزيرة الخارجية الأمريكية, أن بلادها لا ترغب بأن يفرض الإسرائيليون أمرا واقعا على الأرض يستبق مفاوضات الوضع النهائي بينهم وبين الفلسطينيين, لكن هذا الإعلان ذهب أدراج الرياح مع أول اجتماع لها مع شارون عندما قالت: إننا متفهمون لقضية استدراج عروض أسعار لبناء وحدات سكنية جديدة داخل المستوطنات الإسرائيلية.
أليس استدراج عروض الأسعار لبناء المزيد من الوحدات الاستيطانية هو تغيير للأمر الواقع? وإذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن التوفيق بين عدم رغبة الولايات المتحدة تغيير الأمر الواقع وبين تفهمها لبناء المزيد من الكتل الاستيطانية التي تغير هذا الأمر الواقع?.
المفارقة الثانية أن رئيسة الدبلوماسية الأمريكية لم تكتف بالتصريح عن فهمها لتوسيع المستوطنات وتسمينها, بل ذهبت إلى حد التماهي تماما مع مواقف شارون المتطرفة حيال جميع القضايا المطروحة على ساحة الصراع, فهي ظلت تصر على مواقفها التي تعتبر المقاومة الوطنية الفلسطينية إرهابا موصوفا تجب مكافحته, وتجريد فصائل المقاومة من أسلحتها وتفكيك بناها التحتية, وهي من ناحية ثانية طلبت من الفلسطينيين وقف ما اسمته بالتحريض المبرمج ضد إسرائيل كشرط للعودة إلى طاولة المفاوضات.
وفوق هذا وذاك وصفت رايس خطة الفصل الأحادية الجانب عن قطاع غزة بالخطوة التاريخية التي ستحيي عملية السلام, والتي ستؤدي -كما قالت- إلى تعايش سلمي بين دولتين إسرائيلية وفلسطينية تكون مثالا للتسامح والاعتدال, وبالتحديد في العالم العربي على حد تعبيرها.
هذه الطريقة الأمريكية في التعاطي مع الصراع العربي- الإسرائيلي عموما والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص هي التي شجعت إسرائيل على تماديها على قرارات الأمم المتحدة وانتهاج سلوك الغطرسة والعنجهية, فقد أعلن المسؤولون الإسرائيليون -قبل زيارة رايس- عن عزمهم القيام بحصار بحري لقطاع غزة, وعن استكمال بناء 700 وحدة سكنية في مستعمرتي (ادوميم وبيتار ايليت) الواقعتين في محيط القدس المحتلة, وما أن أنهت رايس زيارتها للأراضي المحتلة حتى أعادوا التأكيد على مواقفهم المتعنتة هذه من دون أي استنكار لها من قبل الولايات المتحدة.
بهذه الصورة جاءت زيارة رايس إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة, وجولتها في بعض دول المنطقة, كسابقاتها فهي لم تثمر عن أي جديد في السياسة الأمريكية ولم تظهر أي إشارات تعبر عن طروحات أو افكار جديدة لإحياء عملية السلام, لا بل لم يسمع العالم منها إلا عبارات الانحياز لإسرائيل ودعم إدارتها المطلق لسياسة شارون الإرهابية.
ahmadh@ureach.com
">
ahmadh@ureach.com