ها هي مرحلة الحركة الوطنية تسدل الستار على تجربة حافلة (بالانتصارات والانشقاقات) معاً برحيل جورج حاوي المعنجع, فأبو أنيس كاتم أسرار حقبة بكاملها وجوكر مرحلة أفل عنها من أفل وانكفأ عنها من أراد الانغماس في مصالحات مرحلية.
ربما أراد أبو أنيس في السنوات الماضية أن يمارس السياسة خارج موقعه التاريخي, وهذا حقه بعد أن استبعد من محاصصات الطائف, أو ربما أراد الاستراحة في مطعم أو مشروع خاص لكن كان له في كل عرس قرص.
من يريد قتل جورج حاوي..?ماذا ينفع قتل الرجل الذي ساهم في انطلاقة المقاومة الوطنية ضد الاسرائيلي? والشاهد على الحقبات السوفييتية واليلتسنية وتداعياتها في لبنان وصولاً الى انكفاء الخطاب الوطني أمام ديوك الطوائف ودجاجاته التي لا تبيض.
قبل اغتيال حاوي بيوم أسفر غبار الانتخابات عن اصطفاف المربع الطائفي اللبناني في حقبته الأميركية- الفرنسية, كل طائفة في زاوية ولكل زاوية شيخ طريقة ما يشي أن أمثال جورج حاوي لا مكان لهم داخل المربع حتى ولو أرادوا بعض الحراك في وسطه.
لقد كان يقال عن لبننة الدول, أي التشبه بإفرازات الحرب الأهلية اللبنانية وإطلاق مصطلح سياسي انطلاقاً من انعكاساتها على المجتمع والجغرافيا, لكن وبعد نجاح النموذج الأميركي في العراق, وأنا أقصد هنا ما أقول, فالأميركيون نجحوا في تفتيت البلد طائفياً عبر سيول الدماء, أعيدت التجربة الى لبنان عبر روتشة ديمقراطية تسمى زوراً انتخابات نيابية وتم عرقنة لبنان من دون دماء, حتى اعلان النتائج, لكن في صبيحة اليوم التالي انفجرت دماء أبي أنيس في وطى المصيطبة في الحي البيروتي المختلط طوائفياً والذي يضم المبنى المركزي للحركة الوطنية إياها, وكأن الأمر يدل على رمزية تثير الشفقة والأسى.
يبدو أن هذا هو أول غيث مثل هذه الانتخابات, فلا البرلمان العتيد سيكون قادراً على سن القوانين, ولا الرافضون سيقبلون, ولا الحكومة القادمة ستحكم وسوف تزداد الناس التجاء الى حضن الطائفية الأحمر الدافىء فيما لن يبقى مكان لمثل جورج حاوي ينام فيه في بلاد العجائب والمئتي ألف شهيد.
تصبحون على وطن..
* صحفي لبناني