واللافت في موافقة قادة الاتحاد الأوروبي هو السرعة في تغيير مواقفهم فبعد أن كان يتم تبريرها على أنها تستند الى معطيات اقتصادية وعلمية فإن الموافقة على المساعدة الأوروبية بمشاركة صندوق النقد الدولي تضع الاتحاد امام اختبار حقيقي لقدرة اعضائه على حل مشكلاتهم داخل البيت الأوروبي من جهة كما تساهم في تعزيز دور الصندوق واطلاق سيطرته على مجال أوسع على المستوى العالمي من جهة ثانية .
وبهذا يكون الأوروبيون بعد أحد عشر عاماً من دخولهم تجربة الوحدة النقديةالموحدة قد فتحوا أولى الثغرات في نظامهم الذي قام في جانب منه على مواجهة الاقتصاد الاميركي والوقوف في وجه سيطرة الدولارات على التعاملات المالية العالمية وسيبقى السؤال يفرض حضوره طويلاً عن الاسباب التي دفعت بنيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي للموافقة على فكرة المشاركة بعد أن كان من أشد المعارضين لها بعد أن سبقته الى تغيير موقفها أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية والتي كانت قد ذهبت بعيداً مع بداية انكشاف الازمة فكانت ترفض اصلاً فكرة مساعدة اليونان بأي شكل فما الذي غير موقفها ودفعها للموافقة على المشروع الذي يتضمن اقامة شبكة امان مالى تشمل قروضاً.
ثنائية داخل منطقة اليورو مدعومة من الصندوق الدولي والمتوقع أن ثمة حسابات غير الاقتصادية دفعت بالقادة الأوروبيين لاتخاذ قرار المساعدة والحفاظ على عضوية اليونان ضمن الاتحاد النقدي، ويعزز تلك التوقعات التحذيرات التي أطلقها جان كلود تريشيه محافظ البنك الأوروبي المركزي والذي وصف من خلالها الصندوق الدولي بأنه تابع ومدعوم من الادارة الأميركية وبالتالي فإن تدخله في الازمة اليونانية يعد ضربة للوحدة النقدية الأوروبية ولكن على الرغم من تحذيرات تريشيه فقد أعلن عن مساندته للخطة الهادفة الى تهدئة الاسواق ومنع دخول المضاربات وتمكين حكومة أثينا من الاقتراض بفوائد قليلة.
وبهذا يكون محافظ البنك المركزي قد انصاع لقرار القادة لكنه شدد في الوقت نفسه على استقلال عمل البنك المركزي داعياً الى تقليص العجوزات واعادة صياغة آليات العمل المالي في منطقة اليورو.
والحدث يعيد الى الاذهان رؤية البعض الى الكيان الأوروبي الموحد ووصفه بالتابع الذي يبقى يدور في الفلك الاميركي مهما حاول الانفلات منه.