ولا يؤذي العقل و يدمي القلب أكثر من بيانات للانتصارات تصدر من هنا وهناك! إنها انتصارات أفضل منها بما لا يقاس الهزائم ، كما وصف يوماً نابليون انتصاره على الروس ، عندما حسمت المعركة و رأى ما فعلت يداه. تصوروا أن تسجل قذائف الهاون تتساقط على المزة و باب توما و ساحة الامويين و جرمانا الشعبية و أحياء الشام القديمة حاضنة التاريخ ومنعشة ذاكرة البشرية و غيرها من المواقع داخل دمشق وعلى جوانبها ، إنها انتصارات !!! تصور انتصاراً في عملية استبسالية جهادية تعد السوريين بالحرية و الديمقراطية ، وتعد «المجاهدين» بالجنة بعد أن وفقهم سبحانه وتعالى في نسف خط للغاز أدى إلى قطع الكهرباء عن دمشق و أخواتها المناضلات الصامدات !!! خطوط الغاز... خطوط النفط و الكهرباء ... خطوط القطارات و السيارات و الشاحنات ... وسرقة الثروة و بيعها بأبخس الأثمان .. وحرمان الناس من الغذاء و الدواء و المدارس والحركة و الانتقال في ربوع وطنهم...هذا كله وغيره ...انتصارات.
لا يمكن أن يكون أحد تابع الفضائيات و أجهزة الاعلام والصحافة إلا و سمع نشيداً لهذه الانتصارات. ألم تسمعوهم يعولون على المستوى الذي وصلته الأسعار في سورية ، و النقص في الدواء و خروج المشافي و المراكز الصحية في مواقع شتى عن امكانية تقديم خدماتها لقاصديها ....وما وصله الواقع الصحي بشكل عام، حتى أنهم يستبشرون خيراً بظهور بعض إصابات شلل الأطفال و أمراض أخرى في سورية بعد أن كانت قد برأت منها.
هذه انتصارات يفخرون بها ، و يرون بمقتضاها ، أن سورية يجب أن تستسلم قبل جنيف و كمقدمة له و شرط عليه !!. وهي إحدى أهم النغمات التي يدبك عليها الدبيكة بحثاً عن ثمار انتصاراتهم التي تقتضي حسب مخيلتهم أن يتولوا هم دون غيرهم شؤون الدولة.
أنا رأيتهم ...أنا سمعتهم ... أنا كذبتهم من هذا الموقع بالذات وهم يشرحون و «يجهبذون» و يتقرؤن السقوط السوري القائم والقادم. لم يثرني كذب بياناتهم بقدر ما أثارني الفرح في عيونهم والشماتة التي يظهرون! حتى الأمس كانوا هنا ...يشرحون و يضيفون ويؤكدون ويقبضون أجورهم على ذلك كله. و اليوم يرقصون من حول ما تعيشوا عليه، ويزعمون دماره كمقدمة للانهيار الكامل ، بل هم أعدوا المنقل والحطب لأكل اللحم المشوي.
بهذه الانتصارات يزمعون السفر إلى جنيف للجلوس على طاولة الحوار ، وليس في جيوبهم سوى ، إن سورية يرصدها الخراب ...و إن جرائمهم ستستمر ...ولديهم مئات السيارات المفخخة و الانتحاريون ...ومعامل العبوات الناسفة ... و أن واردهم من الأسلحة و المال لا ينضب ، ويستشهدون على ذلك بالممولين الداعمين على طاولة الحوار نفسها !!!! من يدري قد يحضرها بندر بن سلطان نفسه !!!!
تحمى الدبكة من حول جنيف. زخمها في دمشق أقل مع أنها صاحبة الكلمة الأولى ، لكنها مشغولة عنه حتى يكون. فهل يكون ؟
هل من جنيف ؟
يبدو .. نعم ...لكن بقليل الفاعلية. ألم أقرأ عليكم ورقة منه ؟!
as.abboud@gmail.com