أقول هذا .. ونحن نعيش ونقرأ ردور الافعال العربية وحتى العالمية على مسلسل ( باب الحارة ) الذي حقق نجاحاً مدوياً..ولا يزال منذ انتهاء عرضه في آخر يوم من رمضان وحتى اليوم الشغل الشاغل للناس والاعلام بفروعه المختلفة.
وأريد أن أسأل هؤلاء.. ما جدوى مهاجمة المسلسل بعد النجاح الهائل الذي حققه . حاول البعض التحدث عن ظلم المسلسل للمرأة..وأنا الدمشقي العتيق أقول: هكذا كان الواقع في دمشق في تلك المرحلة التي هي عقد الثلاثينات من القرن الماضي.. والبعض انتقد شخصية (العكيد), وأقول هذه شخصية من لحم ودم كانت موجودة وقتها.. واستغرب البعض كيف ينضم أبو النار وجماعته الى رجال الحارة من أجل انقاذ أبي شهاب وبينهم ماصنع الحداد.. وأقول أنه في دمشق وجميع انحاء سورية عندما يصبح الأمر يتعلق بالوطن, يصبح جميع اللصوص والبلطجية وطنيين , ويفدون الوطن بأرواحهم. وهناك مثال حقيقي وحي في , الاضراب الستيني عام 1936 ففي ذلك العام أضربت دمشق عن بكرة أبيها,وأغلقت جميع المحال التجارية. فانزعجت السلطات الفرنسية من الاضراب, وأرسلت جنودها يكسرون أقفال المحالات , كي يجلس اصحابها فيها , خوفاً من سرقة اللصوص لها.
وهنا اجتمع جميع لصوص دمشق برئاسة زعيمهم وقرروا عدم القيام بأية سرقة خلال أيام الاضراب. واكثر من ذلك , توزعوا على مجموعات تحرس المحلات في اسواق دمشق, خوفاً من لص غريب او دخيل .وأرسلوا يطمئنون تجار دمشق.
هكذا عندما أصبحت القضية وطنية تحول اللصوص. وهذا ما أراد مسلسل (باب الحارة) قوله في حلقته الاخيرة.
المسلسل حقق نجاحه الكبير, لأنه قدم قيماً وعادات وتقاليد افتقدناها. ذكرنا بالشهامة والنخوة والرجولة . ذكرنا بذاك التعاضد الاجتماعي الذي أصبح مفقوداً الآن.