تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


وعود خائبة

على الملأ
الأحد 21-2-2010م
مصطفى المقداد

لعل البشائر الأخيرة بشأن الخلاص من كثير من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية الدولية، بدأت تتبخر، والإجراءات العلاجية ذهبت أدراج الرياح، فبعد التدخلات الحكومية وإجراءات الحفز والإشراف عادت لتتكشف أزمات لم تكن بالحسبان،

واللافت في الأمر أن السياسات المالية والإقراضية الأميركية ذاتها كانت المسؤولة عن تلك الأزمة، فقد ظهرت أزمة اليونان لتعلن عن عجز وصل إلى حدود 12.7٪ من الموازنة العامة للدولة، وكانت اليونان قد لجأت إلى إخفاء مديونيتها الحقيقية على مدى عشرة أعوام وذلك من خلال اقتراضها 15 مليار دولار من مصرف غولدمان ساكس الأميركي وذلك عبر عمليات مالية معقدة شملت إصدار سندات محفوفة بالمخاطر، وجنت غولدمان ساكس من خلفها 300 مليون دولار، فيما واجهت اليونان أكبر مديونية تجاوزت حدود 400 مليار دولار.‏

وقد كانت لتلك الإجراءات الدور الكبير في السماح لأثينا بالانضمام إلى منطقة اليورو، فيما كانت في الواقع لا تملك المعايير الاقتصادية اللازمة لذلك، وهو الأمر الذي فجّر خلافات داخل البيت الأوروبي الموحد، بسبب المخاوف من انتقال عدوى العجز والمديونية إلى اقتصادات أوروبية أخرى، وخاصة فرنسا وألمانيا.‏

وفي أزمة متزامنة تواجه المملكة المتحدة مخاطر عجز في موازنتها تفوق شقيقتها الإغريقية، إذ تشير النتائج إلى عجز بريطاني بحدود 277 مليار دولار وهو يمثل 12.8٪ من إجمالي الناتج المحلي البريطاني، الأمر الذي دفع حكومة لندن لاقتراض 6.6 مليارات دولار لمواجهة العجز في خططها التنموية وتنفيذ برامج الرعاية. ويتوقع المحللون وضعاً أصعب خلال الأشهر القادمة يمكن معه الوصول إلى معدل عجز يقارب 13٪ من الناتج المحلي.‏

وأمام هذا الحال دعا غولدن براون رئيس الوزراء البريطاني إلى سنّ قوانين عالمية لإدارة النظام المالي الدولي، ووضع ضوابط لحركة الأموال وعمليات التمويل مع ضرورة الرقابة الصارمة على تلك التحركات.‏

أما داخل الولايات المتحدة ذاتها فقد انهار عشرون مصرفاً منذ بداية العام الحالي ليصل عدد المصارف المنهارة منذ مطلع العام الماضي إلى أكثر من 120 مصرفاً. الأمر الذي ينفي حال التعافي الاقتصادي الذي يجري الحديث عنه، بل على العكس فإن آثار الأزمة المالية والركود الاقتصادي مازالا يؤثران على الوضع المصرفي داخل الولايات المتحدة التي لم تشهد انهيارات مصرفية مشابهة منذ عشرين عاماً وفق الحالة المعيشة، ويكفي الإشارة هنا إلى أن تكلفة إغلاق المصارف كلفت المؤسسة الاتحادية للتأمين 30 مليار دولار خلال العام الماضي.‏

ويبدو أن الوعود بتحسن اقتصادي سوف تتراجع خلال الأيام القادمة، إذ ستظهر صراعات وخلافات ما بين الشركاء الاقتصاديين الأكبر في العالم، وسيجدون أنفسهم مجبرين على عقد مؤتمرات وورشات عمل تضع معايير وأسساً مالية تخرج عن جوهر النظام الليبرالي، وتطلب إلى الحكومات التدخل الدائم لمواجهة الأزمات والحدّ من المخاطر، وضبط حركة الأموال.‏

تعليقات الزوار

الدكتور أحمد |    | 21/02/2010 11:05

الله محيا أب اليمان

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 مصطفى المقداد
مصطفى المقداد

القراءات: 11634
القراءات: 950
القراءات: 886
القراءات: 865
القراءات: 904
القراءات: 929
القراءات: 972
القراءات: 894
القراءات: 945
القراءات: 1006
القراءات: 964
القراءات: 955
القراءات: 974
القراءات: 973
القراءات: 977
القراءات: 1072
القراءات: 1006
القراءات: 1055
القراءات: 1063
القراءات: 1044
القراءات: 921
القراءات: 991
القراءات: 1038
القراءات: 1041
القراءات: 952
القراءات: 1091

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية