لقد جاء التفجير الإرهابي متزامناًً مع احتفال المقاومة اللبنانية بذكرى انتصارها التاريخي على العدو الصهيوني، ذلك الانتصار الذي أهداه صانعوه إلى إخوانهم جميعاًً علهم يعيدونهم إلى جادة الصواب، فيثوبون إلى رشدهم ويرتضون النصر مستقبلاًً ويتناسون الارتباط والارتهان السابق ليدخلوا الزمن القادم بعزة وكرامة،. كما ترافق توقيت التفجير مع حديث الأمين العام لحزب الله المتلفز بعدما تم التقديم له على مدى عدة أيام، ترافقت مع سلسلة حلقات وثائقية أرّخت ليوميات المقاومة في مواجهتها مع العدوان على مدى ثلاثة وثلاثين يوماًً كان النصر في نهايتها خاتمة لغطرسة صهيونية أخافت أنظمة العمالة سنوات طويلة.
ويحمل توقيت التفجير باعتقادي سوء تقدير للتأثير والانعكاس المحتملين لهذا العمل الإجرامي، إذ إنه غير ذي تأثير يرتجى من تراجع شعبية المقاومة وحزب الله أبدا، ولن يكون له أدنى فاعلية في محاولة إظهار عجز المقاومة عن حماية جمهورها ومؤيديها الذين تسابقوا إلى منطقة التفجير للمشاركة في أعمال الإغاثة وإزالة الأنقاض وإخلاء الجرحى والمصابين ونقل الضحايا خارج منطقة الخطر، بما يظهر استمرار التأييد الشعبي وتزايده المضطرد يوماًً بعد آخر، فضلاًً عن الاستعداد للتضحية الدائمة في ظل جميع الظروف مهما قست وطالت.
وبالتزامن مع الإعلان عن مسؤولية التفجير من قبل مجموعة غير معروفة، فقد تم اختيار اسم لمجموعة عميلة تتحرك وفق برنامج تنفيذي يعكس سياسة الاستعمار القديمة المرتكزة على فكرة زرع التفرقة والشقاق بين أبناء الأمة، وتكريس الخلافات وتحويلها إلى مرتكزات للاختلاف الاساسي بين الأخوة، وهنا فإن محاولة زرع فتنة مذهبية لن تجدي نفعاًً أمام المهمة الأساس للمقاومة، تلك المهمة التي لا ترتضي لنفسها الانجرار خلف دعوات التفرقة والتعصب المذهبي والفئوي تحت أي ضغوطات، وبعيداًً عن ردود الفعل والانفعالات المباشرة.
المؤكد أن الجهة المنفذة ارتضت لنفسها أن تذهب بعيداًً في تنفيذ مشاريع الإجرام التي تستهدف الفريق المقاوم في كل من سورية ولبنان قبل المنطقة كلها، باعتباره الجهة التي ما زالت تعارض وتقاوم سياسة ومشاريع التبعية بعد كل ما خبرته وعرفته من أساليب وطرائق القتل والتخريب التي تنفذها المجموعات الإرهابية العاملة على تكريس التفرقة خدمة للعدو الصهيوني. ومشروعه الذي يتجاوز الحكومات والأنظمة الإقليمية منفردة، ليطال المنطقة العربية كلها بمفهومها الشعبي والحضاري باعتبارها الحاضن التاريخي لمقاومة المشاريع الاستعمارية على امتداد سنوات الصراع الطويلة.
ولعل أبسط ما يعنيه مكان وتوقيت التفجير الارهابي هو ذلك الارتباط العضوي بين منفذي الخطوات التنفيذية للمشروع الاستعماري وتواجدهم تحت الطلب في المكان والزمان المطلوبين، سواء كان ذلك التوقيت في المكان نفسه بعيداًً أو قريباًً ،قاتلاًً للكثيرين أو مخرباًً لمناطق شعبية. ذلك الارهاب المنفذ بيد قتلة