في اطار سعيه لحشد أوسع جبهة داعمة لخططه الحربية ضد عدو غير واضح المعالم، والذي اتضح فيما بعد أنه مجرد عدو مفبرك الهدف من تصنيعه هو ايجاد دريئة لتلقي ضربات النمر الجريح الذي خشي أن يتجرأ على هيبته صغار الحيوانات في الغابة.
هذا الشعار الاقصائي والذي لا يعترف بحق الاختلاف رفضته آنذاك كثير من الدول مثل فرنسا وألمانيا على الصعيد الدولي، وسورية على الصعيد العربي، وأوضح الجميع أنهم في الوقت الذي يشجبون الإرهاب ومستعدون لدعم أي جهد شرعي لمحاربته، إلا أنهم لا يستطيعون أن يبصموا على بياض بشأن الأجندة التي تحملها إدارة بوش تحت يافطة محاربة الإرهاب، والتي اتضح سريعا أن مضمونها غير ذي صلة باليافطة المرفوعة.
وهذا الشعار الذي رفض العالم التسليم به متمسكا بحق الاختلاف حتى في إطار وحدة الهدف، موجود بشكل أو بآخر في كثير من بقاع الأرض ولدى العديد من الثقافات، ومن بينها الثقافة العربية التي وان كانت في أصلها سمحة ومتسامحة، إلا أن بعض التشويهات التي اعترتها عبر العصور المظلمة، لا تزال هي المنهل المفضل لدى عتاة التطرف ( السياسي والمعرفي والديني) في عالمنا العربي، بحيث يدعي كل فريق حيازته على الحقيقة الكاملة رافضا ومكذبا ومكفرا كل ما لدى الطرف الآخر، ومتوجا نفسه مصدرا وملهما لشهادات الحق والوطنية، وكل من خالفه الرأي يعد خارجا عنهما.
ما أحوجنا اليوم في خضم المتغيرات التي تموج بها سورية والمنطقة العربية، إلى تعزيز ثقافة الاختلاف والاعتراف بالألوان المتدرجة، واليقين بأن لا أحد يمتلك وحده ناصية الحقيقة التي هي دائما نسبية، وغالبا موزعة في أماكن عديدة.