تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المال.. السلطة الخفية

إضاءات
الاثنين 9-1-2012
د.خلف علي المفتاح

يعرف البعض السياسة أنها اقتصاد مكثف، وعلى أساسها تفسر سياسات الدول في أبعادها على أنها صراعات اقتصادية وتنافس على مناطق نفوذ لتكون أسناناً في عجلة الاقتصاد العالمي، ويذهب بعض المحللين إلى أبعد من ذلك بالقول إن ما نراه من مؤسسات ديمقراطية في الغرب ليست إلا واجهات ناعمة لقوى خفية تتمثل في الشركات والمؤسسات المالية الكبرى هي الفاعل الأساسي في عالم السياسة الحقيقي.

إن ما يؤيد وجهة النظر تلك هو ما يشهده العالم هذه الأيام من صراعات وأزمات ترخي بظلالها على دول العالم ويحاول البعض إدخالها في أطر ايديولوجية أو اخلاقية أو ربطها بما يرتبه القانون الدولي والمنظمات الدولية وما يسمى حقوق الانسان من التزامات على دول العالم، فلو كان الأمر كذلك لكان الحراك الدولي بكل آلياته يتمحور في دائرة خريطة الفقر الدولية الممتدة من وسط إفريقيا عبر قوسين يمتدان غربا وشرقاً لا حيث آبار النفط وحقول الغاز وخطوط نقله وتسويقه، فها هي تقارير المنظمات الدولية المعنية بالتنمية البشرية تحذر صباح مساء من المجاعة التي تجتاح الكثير من دول العالم وتودي بحياة مئات الآلاف من الأطفال الذين يتضورون جوعاً، ناهيك عن الملايين الذين لا تتوفر لهم الحدود الدنيا من متطلبات الحياة الإنسانية.‏

إن العولمة المتوحشة التي أصابت شرورها أكثر سكان المعمورة بما فيها دول المركز الرأسمالي بدأت تكشر عن أنيابها وتشن الحروب والفتن في أكثر من مكان من العالم لأنها تجد في الحروب البيئة المثالية للاستثمار، حيث تنتعش تجارة السلاح ومافيات تهريبه وتسويقه وهنا تصبح الحروب ضرورة وحاجة لها وخمود نيرانها موت بطيء وإفلاس للرأسمالية المتوحشة.‏

لقد كانت أكثر شعوب العالم فقراً وما زالت ضحية خداع عالمي قادته ومهدت له نخب فكرية وسياسية ترتبط عضوياً مع مراكز رأس المال استثمرت في الأفكار والمفاهيم التي أطلقت العنان للنهضة الأوروبية الحديثة، مستغلة الفروق الحضارية بين الشعوب وممعنة في نهب ثروات دول العالم الثالث تاركة إياها تتخبط في مربع الفقر والجهل والمرض والاستبداد، وها هي اليوم تريد إعادة الكرة بعد أن استنفدت وقودها الحضاري متخذة من مقولاتها الكاذبة من حرية وديمقراطية وحقوق الإنسان وسيلة لنهب الشعوب ذاتها ولكن عبر حروب بينية وفتن طائفية توفر لتلك القوى الاستعمارية فرصة أخرى لإعادة السيطرة عليها عبر استبداد ثالث تقوده قوى تتسلل إلى مواقع السلطة بديمقراطية زائفة تدفع للواجهة السياسية قوى كانت تاريخياً الحليف والرديف لها.‏

إن آلة النهب وامتصاص خيرات الشعوب ومصادرة مستقبل أبنائها لن تتوانى في كل لحظة تاريخية عن ممارسة ما اعتادته من سلوك وجدت فيه الوسيلة لبقائها في الرتل المتقدم في المسار الحضاري، وهي في سعيها المحموم هذا لن تتوانى عن استخدام كل الأساليب المشروعة وغير المشروعة لتحقيق ذلك الهدف سواء كان شن الحروب المباشرة وغير المباشرة أم إثارة النزاعات والتوترات في أكثر من مكان في العالم وخاصة منطقتنا التي كانت دائماً في دائرة الاستهداف الغربي لما تمتلكه من ثروات وما تختزنه من طاقات واعدة ومخزون حضاري رائع، وهذا يرتب على أبنائها جميعاً استشعار ذلك الخطر وعدم الوقوع في شراك العدو وما يحوكه من مؤامرات أو يركبه من موجات محاولاً خداعها مرة أخرى وبنفس العناوين السابقة مستهتراً بذاكرتها الجمعية، وضارباً عرض الحائط بإرادة أبنائها ورغبتهم العيش بحرية وكرامة.‏

khalaf.almuftah@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11293
القراءات: 1057
القراءات: 811
القراءات: 961
القراءات: 839
القراءات: 906
القراءات: 920
القراءات: 881
القراءات: 954
القراءات: 897
القراءات: 910
القراءات: 878
القراءات: 906
القراءات: 941
القراءات: 990
القراءات: 958
القراءات: 1050
القراءات: 1028
القراءات: 959
القراءات: 1020
القراءات: 958
القراءات: 988
القراءات: 1007
القراءات: 1049
القراءات: 1262
القراءات: 1199

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية