وإذا كان الموقف الغربي وتحديداً الأميركي يلاحق على مدى سنوات حتى اللحظة ولمجرد الشبهة أي جهة أو شخص أو دولة تحت ذريعة دعم الإرهاب، فإن المفارقة الصارخة أن تقف صامتة حيال إرهاب موصوف، أدواته والجهات الداعمة له واضحة، والأطراف الضالعة فيه معروفة، والأدهى أنها هي ذاتها التي سبق لها أن أعلنت ذلك صراحة.. وأفصحت بلسان مسؤوليها عن ذلك الإرهاب إلى مستوى المفاخرة الفاجرة بذلك وعلى الملأ.
قد يكون من الصعب الحديث عن المعايير التي تحكم تلك الرؤية في عالم حشد كل أدوات ضغطه وجيّرها لتحقيق ما يسعى إليه من فبركة وكذب وتضليل وافتراء وصولاً إلى ممارسة اعتداء حقيقي على الشعب السوري عبر فرض العقوبات عليه، لأنه لم يستجب لكل تلك المحاولات.
لكن هذا بالتأكيد لا يمنع وتحت أي مبرر كان الركون إلى ذلك الصمت.. ولا الاكتفاء بالحديث عن ازدواجية المعايير.. ولا المهادنة لحسابات السياسة وإملاءاتها والافتراءات التي تقدمها .. فالإرهاب الذي يضرب سورية يستهدف المدنيين, وأعمال المجموعات المسلحة ارتكابات خطيرة بحق مواطنين لا ذنب لهم إلا رفضهم للإرهاب والإرهابيين.
وإذا كنا لا نعوّل بالضرورة على تعديل لتلك الازدواجية، ولا على تغيير في صلب توجهها، لكن ثمة حاجة لنقول الأشياء بمسمياتها.
تحت هذا العنوان نعتقد أن الأمر يحتاج إلى توقّف طويل ولحظات تأمّل عديدة، لإعادة ترتيب المشهد من بدايته وحتى نهايته. وإذا كانت ردة الفعل في التصدي للإرهاب وأدواته وأطرافه، فإن المبادرة تقتضي الانتقال إلى المربع الآخر لمحاسبة كل من تورّط.. والأدلة لا تحتاج لجهد..
بالفم الملآن قالها حمد وأثنى عليها سعود.. وبالفم الملآن قالها الإرهابيون الذين أرسلوهم، وبالعين المجردة سمعهم العالم بقواه وأطرافه ودوله.. والأمم المتحدة ومجلس الأمن والجمعية العامة شهود على ذلك.. فهل بعد هذا نحتاج إلى تأكيد؟!.
الإرهاب الذي استنفر العالم لمواجهته وحشد طاقاته ودوله وقواه للتصدي له، إذا كان اليوم يستهدف سورية، فإنه غداً في مكان آخر، فهذا لا موضع له إلا ما يحقق نزواته للدم والقتل وكل من يقف معه اليوم سيكون هدفاً له غداً.. وكل من يدعمه اليوم سيصبح دريئة له بعد حين.. حقيقة لا يمكن تجاهلها.. وأحداث التاريخ قريبها وبعيدها شواهد على ذلك.
بين الدعم العلني للمسلحين من مشيخات الخليج وبين أيادي الإرهاب النابتة من تحت أذرعها تضيق المسافة الفاصلة... تتجاوز المقولات والتسريبات إلى وقائع على الأرض بدلائل دامغة وبعقول انتهجت الإرهاب سبيلاً والقتل طريقاً والدم هدفاً.
وبين الموقف الغربي المتثائب والموقف الأميركي المتفرج والمشجع لا فرق كبيراً، ما دامت الحصيلة واحدة والدعم للإرهاب والإرهابيين بطاقات عبور لممارسة المزيد وعلى مرأى من العالم!.
في سورية حسمنا الأمر.. واجهنا في الماضي الكثير من نماذجه وأشكاله.. وحرابه الغادرة .. كسرناه.. انتصرنا عليه، واليوم سنفعل ذلك.. لكن مَن صنعه ومن سيرتدّ عليه ماذا سيفعل غداً؟!.
سؤال لن نجيب عنه ولا نعتقد أنهم سيجيبون، إلا حين يأتيهم من حيث لا يحسبون؟!
a-k-67@maktoob.com