|
حوادث خطيرة .. لاحبر على ورق معاً على الطريق ( وإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون). إن الحادث الذي اصطدمت فيه ثلاث سيارات( ضخمة) الأحد 28 كانون الثاني على طريق ( حلب الرقة) وأودى بحياة( 26) من المواطنين ما عدا الجرحى كما أدى إلى خسائر مادية فادحة هو حبة في مسبحة. في إحدى الساحات الأكثر ازدحاماً في دمشق تشغل أحدى ادارات الدولة الرصيف وحيزاً واسعاً من الساحة مسوراً بسلسلة حديدية لوقوف سياراته دخلت الساحة متخذاً يميني وإذا بسيارة ( فخمة) تقف مواربة بعيدة عن السلسلة الحديدية بنحو مترين موغلة في الساحة . وقفت خلفها مضطراً وضغطت على منبه السيارة عسى أن يأتي سائقها يبعدها , وإذا بحارس( بثياب مدنية) يشير إليّ مقطباً أن أتابع طريقي, قلت له : ألا تبعد هذه السيارة التي تعرقل السير?( قال وكأنني قذفته بشتيمة:( ارجع إلى الخلف وتجاوزها وتابع طريقك) ورغم أن الرجوع إلى الخلف ولو ( مترين) مثل قلع الضرس امتثلت للأمر مرغماً باعتباري ( مواطناً )ما عليه إلا السمع والطاعة حيال سيارة ( مسؤول أو سائق مسؤول) قال فيه الشاعر: إذا كان ربّ البيت بالطبل ضارباً فشيمة أهل البيت من بعده الرقص وأخذت منبهات السيارات تزعق بعصبية من خلفي ومن يساري وخاصة ( التكسي) وكأن القيامة قامت أو موشكة على القيام, أومئ لهم بيدي أن يفسحوا لي المجال كي أتراجع قليلاً وهم يطلقون أيديهم من النوافذ ويهزون قبضاتهم بعصبية يشتمون ويتحفزون للشجار. تمنيت لو سمع تلك الضوضاء ذو السيارة الفخمة وهبّ لفك الاشتباك لكني تخيلته ينفض رأسه متذمراً من الأصوات ويحكم إغلاق النوافذ قائلاً :( بطيخ يكسر بعضه) واندفع السائقون يتجاوزونني معربدين ويحاصروني في تلك الزاوية حتى أضاءت الشارة الحمراء واحتقن سيل المرور فاندفعت منخرطاً في الساحة منطلقاً في إحدى الطرق. إن شرطة المرور هذه الأيام تترصد السائقين بعيون مسلطة باحثة عمن لا يضع ( حزام الأمان) صحيح أن هذا شيء جيد ولكن هل مشاكلنا كلها محصورة بحزام الأمان? أليس كل ما نرى من مخالفات لا تحصى كعرقلة السير, وتجاوز السرعة, وفتح النور العالي حتى في المدينة! والتشفيط.. أهم بكثير?.. في أواسط الخمسينيات عادت دورية( الدرك) نحو جيرود تحس بالتوجس والخيبة لأنها لم تظفر بمخالفة ورئيس المخفر عصبي حازم, وإذا بالقدر يمنحها الفرصة : رأت فلاحاً عجوزاً متوقفاً عن الحراثة,رافعاً النير عن البقرة والكديش واضعاً لهما نصيبهما من العليق متربعاً على الأرض يأكل بشهية من ( زوادته) حبتين من البطاطا مسلوقتين وقليلاً من الدبس. مدّ أبو عباس يده نحو الفلاح وقال لرئيس الدورية ظافراً :( انظر أبا رسمي إنه يأكل وليس لديه ماء) قال أبو رسمي متشككاً :( لعله يضع المطرة خلفه) اقترب أبو عباس من الفلاح وحياه ,وقف الفلاح ودعاهم بخجل إلى مشاركته الزاد,سأله أبو عباس: أريد شربة ماء ( قال الفلاح على بساطته): لا يغلو عليكم ولكن أستطيع أن أحضر لكم الماء من أي مكان قريب) فصوب أبو عباس يده إليه متهماً : أنت مخالف كيف تأكل وليس لديك ماء هات هويتك) وعادت الدورية بغنم يسير لكنه يخفف من حدة رئيس المخفر. وعاد الفلاح إلى داره, وقال لامرأته بمرارة: ( إياك أن تضعي السفرة بدون ماء حتى لا يخالفنا الدرك) قالت: ( كيف يعلمون ونحن في بيتنا?) قال منكسراً : ( الحيطان لها آذان يا بنت الحلال). وذهبت هذه المخالفة مثالاً للتندر. anhijazi@ aloola.sy
|
|