تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


شواهد مؤذية

معاً على الطريق
الاحد 28/8/2005
د.اسكندر لوقا

البعض من الناس يرفضون كل ما له علاقة بالنظام . وإذا سئلوا يوماً لماذا ربما أجابوا بـ( نرفض ولكن لا نعرف لماذا, ربما بسبب العادة!)

والنظام, كما هو متعارف عليه في كل المجتمعات المتحضرة, يبقى نقطة ارتكاز لإنجاز أي عمل بشكل دقيق, وفي وقت قصير.‏

البعض ممن يدعى إلى تفهم أهمية النظام وضرورة احترامه, وبالتالي أن يكون البادىء بتطبيق هذه المعادلة على نفسه, سرعان ما قد يجيب: لماذا أكون أنا الأول? أو لماذا أكون أنا الوحيد?‏

ثمة, في اعتقادي, أكثر من رد يمكن أن يجاب به على مثل هذا المنطق?‏

الأول هو: عندما يقرر كل منا البدء بنفسه عن إيمان, نكون جميعاً قد بدأنا في وقت واحد بإظهار أهمية احترام النظام, ومن دون إعلان عن يوم أو ساعة البدء, بحيث لن يكون بيننا الأول أو الوحيد.‏

الثاني هو: إن النظام, كقيمة اجتماعية تتصل بالأخلاق, لا يجوز تجزئتها كي تستخدم في مكان ولا تستخدم في مكان, أو في ظرف دون سواه, بمعنى أننا لا يمكن أن نكون ولا نكون أوفياء للقيمة ذاتها في وقت معاً.‏

الثالث هو: ما دام مردود الالتزام بالنظام ينطبق على الجميع في سياق ممارسة السلوك الاجتماعي السوي, فلماذا اللجوء إلى الأنانية وبالتالي الإحساس بتفوق هذه ال¯( أنا ) على سواها, ولماذا تضخيمها تجاه الغير?‏

إننا, إذا شئنا تجاوز الشعور بالفوقية أو بالأنانية, أمام القضايا المتعلقة بالأخلاق العامة, سنجد أن كل شيء حولنا يجري بانتظام دقيق, مثل تعاقب الليل والنهار, نمو النباتات وموتها, بداية العمر ونهايته, تتابع فصول السنة, نضج الثمار, حدوث المد والجزر, اقتران النتائج بالأفعال, وإلى ما هنالك من شواهد يمكن تلمسها بالعين المجردة, أو بالبصيرة.‏

ترى من منا لا يصدق أن أقصر الطرق بين نقطتين متقابلتين هو الطريق المستقيم?‏

وأما الشواهد المؤذية وممارسة صنعها أو توظيفها لخدمة الذات لأي سبب من الأسباب, فهي, بلا شك, انعكاس لما نحتضنه في نفوسنا من ترسبات ما قبل وعي النظام وفائدة احترامه, ولو أن أحدنا عاد إلى نفسه, قارئاً جيداً لآثار الفوضى فيه أو فيمن حوله, حتى إذا كانت تلك الفوضى كما( الفوضى الخلاقة ) التي يدعي بعض ساسة أيامنا هذه بجدواها, فسوف يجد أنها دليل انحدار أخلاقي بشكل أو بآخر. من ذلك على سبيل المثال, تجاوز شارات منع المرور, قطف أزهار الحدائق العامة, الاعتداء على أشجار الغابات, الأصوات العالية المنبثقة من محال بيع كاسيتات الأغاني, ترك بعض الحفر على الطرقات العامة في غياب الرقابة على سلامة الطرق بين المدن وداخلها, التزاحم على صعود الحافلات, ترك القمامة على الأرصفة من دون غطاء إلى غير ذلك من شواهد أقل ما يقال فيها إنها تسيء إلى وطن يريد أن تتجلى صورته على حقيقتها.‏

هذه المشاهد وإن كان البعض من الناس قد أنسوا إليها بحكم العادة, تبقى معلماً يؤكد لزائر البلد أن ما يقرأ عنه في وسائل إعلام مغرضة ينطبق على ما يراه.‏

إن الإساءة إلى الوطن لا تتطلب أكثر من لحظات معدودة, بيد أن إزالة معالمها قد تتطلب سنوات وسنوات طويلة.‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي |  dalatione@hotmail.com | 28/08/2005 00:36

قبل النظام ياإسكندر هناك التنظيم يالوقا, فهل تدلني على مؤسسة أو هيئة أو وزارة فيها تنظيم دقيق حتى نطالب المواطن بنظام كامل؟. لو وقفت بالدور في طابور المعاملات فقد ينتهي الدوام ولايأتي دوري, ذلك أن معاملات الواسطة والرشوة لها الأولوية. هل تعلم أيها الكاتب أنني أنا الإنسان الجامعي عندما قررت الهجرة كتبت بخط يدي أبسط طلب موافقة لشعبة تجنيد حمص وهو أمر روتيني عادة فتم رفض الطلب من ممثل المدير الجالس بمكتب المدير , لأن الطلب يجب أن يمليه فراش البوفيه؟!!, فعاندت وعاندت مستنكرا بلا فائدة ولااحترام حتى اضطررت للذهاب للبوفيه فتكرم علي الفراش بعد دفع المعلوم وبالكاد يعرف كيف يفك الخط. لاتقل ياإسكندر لوقا أن السبب هو المواطن والعادة , بل قل هو المسؤول والفساد إن كنت كاتبا صادقا.

تنتنة |  ععاننمكت | 09/04/2010 19:01

شكرا جزيلا لكم

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 د . أسكتدر لوقا
د . أسكتدر لوقا

القراءات: 936
القراءات: 1289
القراءات: 1242
القراءات: 1184
القراءات: 1235
القراءات: 1356
القراءات: 1229
القراءات: 1277
القراءات: 1302
القراءات: 1696
القراءات: 1226
القراءات: 1212
القراءات: 1815
القراءات: 1214
القراءات: 1373
القراءات: 1249
القراءات: 1216
القراءات: 1428
القراءات: 1288
القراءات: 1282
القراءات: 1185
القراءات: 1318
القراءات: 5734
القراءات: 1272
القراءات: 1360

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية