| تجارة المفلسين..! قضاياالثورة هذا على الأقل ما يمكن استنتاجه بشكل مبسط من الاتهامات التي ذهب إليها المندوب الأميركي في الأمم المتحدة, والتي أشار فيها إلى عدم تعاون سورية مع لجنة التحقيق الدولية, عقب التقرير الأولي للمحقق الدولي ميليس حول جريمة اغتيال الرئيس الحريري. وجاءت التوضيحات التي قدمها مندوب سورية في المنظمة الدولية السفير فيصل المقداد, وتأكيده أن سورية أبدت استعدادها للتعاون مع لجنة التحقيق لتكشف الوجه الآخر, وهو ما برز من خلال الاتفاقات التي تمت مع المحقق ميليس. والحقيقة التي لا شك فيها أن لسورية مصلحة فعلية في معرفة الحقيقة, وهي جاهزة ومستعدة للتعاون لمعرفتها والتوصل إلى الجاني الحقيقي فيها, وبالتالي الغمز من قناة سورية يشكل في جوهره محاولة لحرف اللجنة عن مهامها, وعن الأهداف التي حددتها المنظمة الدولية لها. من هنا تبرز الإشكالية الفعلية في نموذج التعاطي الأميركي مع المسألة وعملية التأويل لما ورد في التقرير, والأخطر محاولة تحميل القضية مالا تقدر على حمله, لتضيع في تفاصيل تبعدها عن مسارها الطبيعي, ولا سيما لجهة البحث عن ذرائع لترويج مقولات وتسريب معلومات تتشكل على ضوئها قناعات خاطئة ومغلوطة. غير أن المعضلة الحقيقية التي تواجه مهمة اللجنة الدولية وعمل المحقق ميليس, لا تكمن في عدم التعاون, إنما في الجانب المدسوس من الإيحاءات التي يريد البعض توظيفها سياسياً وإعلامياً, واستغلالها للضغط بهذا الاتجاه أو ذاك, بحيث تستبق نتائج التحقيق, وتخلق سوقاً للمزاودة السياسية, يتاجر فيها الكثيرون الذين فقدوا في الآونة الأخيرة الكثير من أدوات تجارتهم ونضبت لدى بعضهم سلع المتاجرة, واتجه أغلبهم, إن لم يكن جميعهم نحو الإفلاس. ويستطيع الجميع أن يلمسوا ذلك, في التحول الذي أصاب طروحاتهم العديدة حول سيناريو الاحتمالات التي يتضمنها عمل لجنة التحقيق الدولية, وفقدان شهيتهم في الترويج للنتائج المنتظرة والتي يبدو أنها لا تسير في الاتجاه الذي يخططون له, فاتفقوا على تلفيق تهمة جديدة لا أساس لها من الصحة تزعم أن سورية لم تتعاون مع اللجنة الدولية. وتبدو هذه التهمة مثيرة في توقيتها وفي الأدلة عليها, وفي التحوير المتعمد لأدواتها, وخصوصاً لجهة الادعاء الباطل الذي أطلقه المندوب الأميركي, حيث برزت حالة الإفلاس السياسي مدوية في الاتهامات التي سوقت على أساسها الكثير من الادعاءات الخاطئة. غير أن الأهم من ذلك كله ما تخفيه تلك المحاولات من تعمد لتشويه الحقيقة, وما تنطوي عليه من مخاطر تطول عمل اللجنة والمحاولات الحثيثة للنيل منها ومن اتجاهها, وبالتالي لابد من التمعن في الدلالة التي تنطوي عليها تلك المحاولات في هذه المرحلة بالذات, وإن كانت تعني في المحصلة ذلك الإفلاس غير المعلن حتى اللحظة. إن الحقيقة هي الكفيلة بكشف الأوراق جميعها, وسورية معنية بالجزء الأكبر منها, لذلك ستقدم كل جهد ممكن للجنة الدولية من أجل وضع النقاط على الحروف, وحينها سيكون لكل مقام مقال, وسيجد العالم نفسه أمام الأبعاد الخطيرة في عملية التجيير للأحداث والمواقف التي جرت, وتلك التي يتم التخطيط لإجرائها, بصورة لا سابقة لها.
|
|