أولاً - أن تأتي في الزمن الصحيح وقبل تفاقم الظاهرة المرضية.
ثانياً- لابدّ من استخدام المسكنات والأدوية الداعمة, كي يستطيع المريض تحمّل المعالجة.
ربما تأخرنا بعض الشيء ... بل ربما عدلنا من رؤية إلى أخرى.
لكن لا شيء يغير من حقيقة أننا نواجه حالة علاج لتشوهات وقعت وتفاقمت بعض الشيء في اقتصادنا الوطني.
في الاقتصاد العلاج دائم, لأن ظهور تشوهات وأعراض مرضية أمر دائم, وبالتالي قد يكون من الصعب توفر فرصة للاستراحة.
اقتصادنا قوي.. هذه حقيقية.. لكن.
لاقوة لاقتصاد لا يعكس نفسه خيراً على حياة الناس, وهي - أي حياة الناس - المعيار الأساس والأول لحسن الأداء الاقتصادي. السيد رئيس مجلس الوزراء أجاد بتسميته الاقتصاد السوري, لا سوق و لا اجتماعي.. لأننا بالتوصيف المسبوق نتوه خلف النظريات والتنظيرات وننسى الواقع, ولذلك تعثرت محاولات إصدار قانون إصلاح اقتصادي.. التشريعات الأخرى التي صدرت لتعالج حالة أو واقعاً في حياتنا الاقتصادية الوطنية, حوت الكثير من الإصلاح ومنها وفي طليعتها برأينا, المرسوم الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد يوم أمس الأول, والمتضمن إحداث صندوق دعم الإنتاج الزراعي... هذا أكثر من مهم .. هذا يتضمن إصلاحاً فكرياً يأتي بعد رحلة التيه خلف الأرقام والشاشات والمصطلحات !! هو عودة إلى نقطة الحقيقة, إلى الأرض, إلى الزراعة, وهو واحد من تشريعات ومراسيم صدرت وستصدر (مرسوم المعونة الاجتماعية, ومرسوم هيئة دعم الصادرات... وغيرهما). هي بمجملها ولاسيما إذا أحسنا التطبيق والتنفيذ - أكثر من خط تحت التطبيق والتنفيذ - علاج حقيقي عميق لا يدخل في إطار المسكنات والمطهرات والمطريات.
العالم يواجه ارتفاعاً غير مسبوق في الأسعار, على وجه التحديد أسعار السلع الغذائية, والمسألة تتجاوز ارتفاع الأسعار, إذ احتمالات أن يكون إنتاج العالم لا يكفي لإطعام الناس.. وبالتالي تصبح الحكاية ليس أن تدفع ثمناً باهظاً, بل أن تدفع ولاتجد السلعة!!
في ظل ذلك, نقدّر عالياً أهمية الأمن الغذائي, الذي تؤمنه الزراعة السورية, نحن كبلد لا نستطيع أن نتحمل واقعاً تتردى فيه الزراعة والانتاج الغذائي... أبداً... وأقول ذلك لأسباب سياسية واقتصادية. ولن نعيش بالإعاشة.. الدول ذات السيادة والسلطة على قرارها لاتنتظر اعانة الرئيس بوش ال /770/ مليون دولار التي سيعالج بها بؤس العالم وارتفاع أسعار الغذاء!! لانريد منها شيئاً, وليس لنا بها شيء, وعنها وعنه مستغنون.. وسعداء أن يكف هو وإدارته عن رصده مبالغ مضاعفة للتآمر والعدوان علينا. أذكر هذا فقط لإظهار ملامح واقعنا في إطار الواقع الغذائي في العالم وارتفاع الأسعار الذي تحدث عنه مدير البنك الدولي.
زراعتنا... أولاً.
وبالعناية والاهتمام ستكفينا دائماً..
قطيع الأغنام السوري أحسن من آبار النفط..
وموسم الحبوب أغنى من مناجم الذهب.
برأينا .. هنا بداية العلاج المعمق.. هذه الصناديق(الذي صدر منها والموعودة), ستشكل قاعدة لعمل داعم, لما هو ممكن من زيادات في الأجور, وخفض في أسعار السلع.
لن أكون مجافياً للحقيقة إن قلت: إننا نفهمها معالجة لحالة مرضية يُخشى من تفاقمها, أعني إعادة توزيع الدعم, ورفع أسعار المشتقات النفطية.. إنها مؤلمة لنا... وإننا نشهد جهوداً للحكومة للتخفيف من آثار الصدمة, ليست زيادة الأجور إلا أحد أهم جوانبها.
لكن مهمة الحكومة الأولى هي أن تستمر في المعالجة.
ونقول:
نستمر في المعالجة لكن ليس من وراء المكاتب.. علينا أن نكون في الشارع دائماً, وأخص بالذكر وزارة الاقتصاد والتجارة.. ثمة مظاهر مسيئة أخالها تعبّر بشكل مزيف عن الواقع لابدّ من التعامل معها بشكل جدي ومباشر وسريع (الازدحام على الخبز مثلاً).
سنتحمل معكم.. والخزينة خزينتنا.. نريد منها ولا نريد أن نهبشها.. وكلما شهدنا الجدية في العلاج سيزداد صبرنا.