أربعون عاماً وتشرين النصر لم يغب أبداً عن عقول صناع السياسات في الغرب، ودرس يدرس في المعاهد والاكاديميات العسكرية والسياسية ، وعلى أساس هذا المتحول الاستراتيجي وضعت خطط، ورسمت استراتيجيات، تبدلت أولويات ، وحلت مكانها أولويات أخرى.
عالم غربي لم يكن ليرانا الاّ رعاة إبل ومستهلكي حضارة وبائعي نفط وحاملي شيكات مفتوحة ندور - يدورون- بها على مرابع الليل ومواخير الغرب .. وفجأة دون سابق إنذار وبلا مقدمات يحدث غير ذلك ، ينطلق الجندي السوري ليحطم أسطورة الجيش الذي لايقهر، ويخرج الذين كانوا يتباهون أن جيشهم لايقهر ليقولوا إن خراباً ثالثاً قد حل بهيكلهم المزعوم .
ما حققه الجندي السوري ومعه الشعب معجزة بكل المقاييس وليس نصراً عادياً أبداً، حدث فارق غير موازين العالم وأعاد رسمه من جديد .. للمرة الأولى يبادر العرب ليكونوا هم الطرف الفاعل ، وللمرة الأولى يدخل سلاح النفط عاملاً هاماً في المعركة .. الجندي العربي السوري بدمه وروحه صنع النصر وأعطى للبترول معناه وأهميته وقيمته وحول أصحابه من حامل شيكات ورعاة إبل إلى فاعلين على المشهد الدولي ، لو أنهم أحسنوا الاستفادة .. من هذا التحول الكبير ، لكنهم ضيعوه وحاولوا تشويهه ، ،كأنهم لا يليق بهم إلا الهزيمة والخذلان .
ولا نأتي بجديد إذا قلنا إن المتحولات والمتغيرات التي شهدتها المنطقة والعالم منذ عام 1973 إنما كانت دائرتها الكبرى وقائع حرب تشرين وانتصاراتها ، فالنصر السياسي والاجتماعي والثقافي المتوج عسكرياً، لم يحسن الأعراب أن يحافظوا عليه ، وحدها سورية قرأت المعادلة قراءة حقيقية ورسمت ملامح مستقبلها على أساس ما تحقق ، وعلى الطرف الآخر كان من يرصد هذا النصر، وهذا التحول ويعمل على مصادرته، بل تحويله إلى نقطة ضعف بدلاً من أن يكون عاملاً حاسماً في رسم ملامح غد أكثر إشراقاً وأكثر قدرة على المشاركة في المشهد العالمي سياسياً وثقافياً واقتصادياً .
واليوم ونحن نعيش الذكرى الأربعين لهذا النصر، نعيد كتابة صفحاته من جديد ، صحيح أن قطعان الذئاب قد غيرت من خططها واستراتيجياتها ، وانتقلت إلى الداخل ، لكن الصحيح أن الجندي العربي السوري ومعه شعبه وقياته قادران على اجتراح معجزات النصر، وأن الذي تحقق في تشرين ليس إلا البداية ، وهو نصر له وجوهه في مختلف مجالات الحياة ، تشرين صناعة سورية بتوقيع الجندي العربي السوري وهو هوية عربية لكن الذين لا يعرفون إلا الذل والهزيمة لا يليق بهم أن يحتفوا به، وها هو تشرين ينبض فينا نحن صناعة وقرابينه، وتشرين يليق بالعربي الأصيل بالجماهير التي صنعته ، أما الأعراب فتشدهم جذورهم الى الخسة والنذالة، تشرين صناعة سورية ونصر للعرب جميعاً لمن يستحقه، لمن يعرف معانيه، هو بناء وعمل مستمر اليوم نحن أكثر إصراراً على متابعته وكما غيرنا العالم ذات يوم سنفعل ذلك دائماً وأبداً .
d.hasan09@gmail.com