والعقود الأربعة الماضية من الزمن أكدت أن الأطماع الغربية لم تنقطع ولو للحظة واحدة عن بلادنا العربية؛ فالعامل الاقتصادي هوالذي يشكل الدافع الحقيقي لكل مخططات الغرب ؛ ابتداء من حرب الخليج واحتلال العراق ووصولاً لما يسمى ثورات الربيع العربي التي تريد تمزيق الدول العربية واحدة تلو الأخرى ولن تنجو منها أي دولة حتى دول الخليج ؛ ليتحقق الهدف الذي كشفت عنه كل نظريات الإستراتيجية التي تقول إن المنطقة العربية هي من أهم محاور العالم وتمتاز بموقعها الجغرافي وبثرواتها النفطية الهائلة ومن يسيطر عليها يسيطر على العالم .
فهل يستيقظ العرب النائمون على هذه الحقائق ؛وهل يستذكرون كيف يخطط الغرب ولاسيما بعد حرب تشرين كي لا تتكرر قوة العرب بوحدتهم ومباردتهم باتخاذ القرار الشجاع والتخطيط له بحكمة ،وذلك لأن حرب تشرين لا تهدد الكيان الصهيوني الغريب عن المنطقة فقط وتضع حداً له بل لأنها هددت أطماع الغرب الاقتصادية بشكل مباشر ولأول مرة في العصر الحديث ..
وتثبت الأحداث حاليا وبعد أربعين سنة من ذلك الحدث المفصلي أن الاقتصاد ليس إحداثية منفصلة عن الواقع السياسي والعسكري بل مرتبط بهما ارتباطاً وثيقاً، والأزمة التي تمر بها سورية اليوم -على سبيل المثال - اقتصادية في جوهرها بكل ما تعنيه الكلمة لأن سقوط آخر قلاع العرب لا سمح الله يعني عودة الغرب المستعمر لسلب خيرات العرب ونفطهم وتحقيق حلمهم..
لكن لا ..فكل المؤشرات وبعد ثلاثين شهراً من الصمود الاقتصادي والعسكري والسياسي تدل على قرب انتصار سورية بقوة وإرادة شعبها لتشكل منعطفاً آخر سيغير النظام الاقتصادي العالمي وبين تشرين 1973 و تشرين 2013 قصة شعب يحب الحياة ويعرف معنى الانتصار ويصنعه في سجل التاريخ الناصع ..