تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الاستراتيجية الأميركية: إبقاء الجرح السوري مفتوحاً

إضاءات
الاثنين 17-11-2014
د.خلف علي المفتاح

يخطىء من يعتقد أن هناك رغبة أميركية في إسدال الستار عن مسلسل استمرار نزيف الدم السوري، وهذه ليست رغبة أميركية وإنما استراتيجية صهيونية لا تستهدف فقط إبقاء الحريق السوري مشتعلاً وإنما توسيع مساحته بحيث تشمل دولاً أخرى ولاسيما تلك التي تشكل خطراً أو مشروع خطر على الكيان الصهيوني والمصالح الأميركية في المنطقة،

ولهذا السبب بالذات نجد أن الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها في المنطقة هم أول من احتضن المجموعات المسلحة التي ظهرت على ساحة المواجهة ثم تبنت ودعمت العصابات الإرهابية التي تقاطرت على جغرافيا الصراع من كل حدب وصوب تمعن قتلاً وترهيباً بالسوريين وتنهب وتسرق وتدمر كل ما على الأرض السورية من منشآت ومرافق عامة وأدوات إنتاج وإنجازات حققها هذا الشعب بعرق جبين أبنائه وعقولهم المبدعة ناهيك عن استهداف الجيش العربي السوري وكل ما بحوزة القوات المسلحة السورية من إمكانات قتالية وعتاد حربي تقليدي واستراتيجي، وهو ما يبرز حجم الدور الإسرائيلي فيما تشهدته سورية من أحداث دامية خلال السنوات التي مرت من عمر الأزمة.‏

وبهدف استمرار نزيف الدم السوري اتبعت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها استراتيجية واضحة تتلخص في دعم كل أشكال العمل المسلح على الأراضي السورية وتشجيع ما يسمى المعارضة المعتدلة وتسويقها دولياً وإقناعها بحتمية(سقوط النظام) وتحديد أجال زمنية لذلك بحيث يزداد ويرتفع منسوب الدم، ويصبح الحديث عن أي حل سياسي مسألة غاية في الصعوبة إن لم نقل درجة الاستحالة مع التركيز على خطاب عال السقف لا يقبل أي مستوى من مستويات الحوار والتركيز على مصطلح فقدان الشرعية والتنحي وغيرها من مصطلحات مخادعة ومضللة، ولم تقف الأمور عند هذه الحدود لا بل إن الولايات المتحدة الأميركية وتوابعها سعوا وعملوا على عرقلة أي محاولة أو مبادرة لحلول سياسية وتلغيمها باشتراطات غير مقبولة ومرفوضة من حيث المبدأ بهدف إظهار الحكومة السورية بمظهر الرافض للحل السياسي وإحراجها أمام حلفائها وأصدقائها أو إحراجهم أمام المجتمع الدولي والمنظمات الدولية حين التفكير باستصدار قرارات دولية تتعلق بالأزمة وتفسح في المجال للتدخل الخارجي أو تدويل الأزمة وإخراجها من نطاقها مركزية تأثيرها المحلي.‏

لقد ترافقت تلك الاستراتيجية اللاأخلاقية بحرب إعلامية غير مسبوقة أدارتها مراكز إعلامية واستخباراتية بالغة التأثير صدرت الأزمة في سورية على أنها مواجهة بين شعب آمن يريد الإصلاح بالطرق السلمية في مواجهة نظام استبدادي متوحش ودموي يواجه تلك الحركة (السلمية) بالبطش أو ما أطلقوا عليه وسوقوه الحل العسكري متجاهلين عمداً جملة الإصلاحات البنيوية التي أقرتها الحكومة السورية استجابة للحاجات الوطنية والمصالح العليا للبلاد وسداً للذرائع إن جاز التعبير مركزين عبر وسائل إعلامهم على إبراز الجانب الدموي في الصراع والتعتيم الكامل على أي مشهد إصلاحي شهدته سورية خلال سني الأزمة.‏

وإمعاناً في تلك السياسية - أي إبقاء الجرح السوري مفتوحاً - جاء الحديث المفاجئ عن تحالف دولي لمحاربة الإرهاب مستبعداً أي دور لسورية وجيشها الذي واجه الإرهاب وحاربه لأكثر من ثلاث سنوات ولا يزال، وهو ما يثبت عدم جدية تلك الحرب المزعومة التي يبدو الهدف الإعلامي هو الجوهري فيها، وكذلك الاستثمار السياسي والاقتصادي لتكون داعش وأخواتها فزاعات تستخدم للابتزاز السياسي كما جرى في العراق أو لعقد صقفات بمليارت الدولارات لدول الخليج لإنعاش سوق السلاح الأميركي وإعطائه وقود حركة تدر على أصحاب رأس المال ملايين الدولارات ثمناً لدماء أبناء المنطقة ونهباً لثرواتها مع حديث أميركي واضح يشير إلى أن الهدف من الحرب على داعش هو فقط بهدف قطع الإمداد عن داعش العراق واحتوائه في سورية. وهنا يبرز التوظيف السياسي الأميركي لقصة الإرهاب ومن يقف وراءها. وهنا تصبح الإشارة إلى ما جاء في تصريحات الجاسوس الأميركي سنودن عما سمته المخابرات الأميركية (عش الدبابير) حديثاً ذا معنى ومغزى ومصداقية.‏

إن ما يزيد من القناعة بالاستراتيجية الأميركية في ما تعلق بالأزمة في سورية واستمرار الجرح السوري نازفاً هو ردود فعل الإدارة الأميركية والإعلام الصهيوني حول ما تحدث عنه الممثل الأممي ستيفان دي مستورا وسماه تجميد الصراع في حلب والرد السوري الأولي عليه بأنه فكرة جديرة بالنقاش حيث شككت الإدارة الأميركية فوراً بحسن النية تجاهه، وأعقب ذلك حديث الصحافة الإسرائيلية عن استحالة تحقق مثل ذلك بحكم ما سمته طبيعة الصراع الدائر، وهذا يؤكد ما تمت الإشارة إليه فيما سبق وهو أن الإرادة السياسية الأميركية والإسرائيلية بداية والتحاقاً كانت ومازالت المزيد من تدفق دماء أبناء المنطقة مع تدفق الإرهابيين إعمالاً لعش الدبابير وما يرافق ذلك من تدفق مليارات الدورلات في بنوك وول ستريت ؟‏

khalaf.almuftah@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11279
القراءات: 1049
القراءات: 801
القراءات: 952
القراءات: 826
القراءات: 897
القراءات: 910
القراءات: 871
القراءات: 942
القراءات: 888
القراءات: 900
القراءات: 871
القراءات: 900
القراءات: 933
القراءات: 976
القراءات: 949
القراءات: 1039
القراءات: 1015
القراءات: 949
القراءات: 1012
القراءات: 948
القراءات: 981
القراءات: 999
القراءات: 1042
القراءات: 1248
القراءات: 1192

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية