| إنهم ينصحون دمشق لبنان إن فيما يتعلق بدورها الإقليمي, أو بسياساتها السابقة واللاحقة في لبنان, أو بتقرير لجنة (الأخ) ميليس, وحتى ببنية نظامها السياسي داخل حدودها, وبطبيعة هذا النظام وما هو مطلوب منه كي يستطيع دخول جنّة النظام العالمي الجديد ويستلحق نفسه بفتاته. هؤلاء الناصحون الفالحون إياهم كانوا يبلعون ألسنتهم عند رؤية مسؤول سوري في الأيام الخوالي, ويتمتمون ويبرطمون ويهزون رؤوسهم بالموافقة غمغمة وهمهمة, وإن نطقوا فإنهم كانوا يُخلون قاموس العربية من أفعال التبجيل والتثمين والتقريظ والتمسيح والطرش والدهان.., وأذكر مرة كنّا فيها نعدّ برنامجاً للدفاع عن الدكتور عزمي بشارة عندما كان يواجه المحاكمة, وإذ بأحد الساسة الميامين يتعرّف على مشاركين سوريين فيغدق عليهم سيبويه وأبو الأسود الدؤلي تملقاً, وقيس ابن. ..غَراماً, مما اضطرنا لأن نقول له إن هؤلاء مواطنون مثلنا, يدافعون عن حق بشارة, وهم لا يستطيعون أن يأتوا بك وزيراً أو نائباً. الأقرع والمشمّر ينصح سورية الآن, وأغلبهم. .تحت وابل من الحرص المغلف بطبقة رقيقة من الشماتة, بأن تنصاع للأمم المتحدة, بحجة أنها الشرعية الدولية ولا يجوز إلاّ لإسرائيل وحدها مخالفة قراراتها, أو أنها ستساق إلى المقصلة, وقد بات لهؤلاء ألسنة أممية وعلاقات دولية وجهات نافذة في مراكز القرار يوشوشونهم بالثبورالقادم إلى الشرق إذا لم تنصع دمشق لمفاعيل ما يريده جون بولوتون وعصابته. الأنكى من هؤلاء هم الذين يقولون الآن في مجالسهم الخاصة, وعلى مسمع من يريدون التزلف لهم من الحكام الجدد, أنهم لطالما, وياما.. نصحوا دمشق وأشاروا عليها ولها بالأخطاء التي ارتكبت في لبنان, لكنها لم ترد, وأدارت أذنها الطرشاء لنصائحهم, فيما يعرف الكثيرون أنهم كانوا يتهيّبون أمام مساعد أوّل في المخابرات, فكيف بمسؤول كبير.. إنه الزمن الوغد حيث كلما ازداد المرء كذباً ونفاقاً وتدليساً.. ازداد رفعة... تصوروا أن محامياً لأحمد الشلبي و(صديقاً) لريتشارد بيرل., .وربما يعمل مع وولفويتز, ترافع ذات تمويه وفشل ضد شارون, والآن نكش شعره, لأن أجرة المزين باهظة في أمريكا, وبات مرشحاً للرئاسة اللبنانية. . من واشنطن مع أطيب التمنيات, من كثرة ما يعرف سورية نصح رئيسها بتعيين رياض الترك رئيساً للوزراء.. !!!!. وتجيء النصائح أيضاً من زملاء في الإعلام, باتوا فقهاء في الشأن السوري, يعرفون حراك البطيخ في حوران, وهسهة القمح في الحسكة, وتيلة القطن في محالج حلب, ويتسقّطون قرقعة الفستق الحلبي وهو يتفتح في إدلب, فينقضّون على السوريين والعرب هراءً وحبراً ناصحين, باحثين عن مخارج لسورية من الأزمة..هؤلاء يجب أن يكشفوا لنا عن حساباتهم المصرفية, مثل الساسة تماماً, لنعرف كل واحد منهم من أين يأكل وصوت من هو, وابن من, ومن أين له ما له, لأن الرئيس عمر كرامي معه الحق فيما قاله عن الإعلام. صحيح أن ما تمرّ به سورية قاس ويحتاج إلى عقل وجهود جميع من لا يريد رؤية الأقدام الهمجية في هذه البلاد, لكن ماذا يبقى من بلاد يطلب منها دوس كرامتها وتاريخها الذي يعود إلى عشرة آلاف عام, لمجرد أن ترضى عصابة تحكم في تل أبيب وواشنطن معاً?. هناك ثوابت. .نعم, وهناك سياسة أيضاً, ولطالما عرف الدماشقة ومن أحبهم دونما غاية ومصالح شخصية, وهم على كل حال لا يستهان بهم, كيف يتوئمون بين الثابت والمسيّس, وأعتقد أنهم في غنى عن نصائح إمّعات الأجنبي وأصحاب الجيوب المحشوة بالمال الفاسد الذي يحرّك العقول المعروضة للشراء في سوق الخضارالبائتة. صحفي لبناني
|
|