مؤكداً أن الحكومة التركية فتحت حدودها لهم وسهَّلت دخولهم، فهل يكفي مكتب الانتربول أن يقدم المعلومة للعالم وأن يضعها برسم المنظمات الدولية، أم أنه مطالب حسب ميثاق عمله بالتحرك؟ وإذا كان لم يفعل شيئاً في الماضي لمنع تركيا عن القيام بما قامت به، فما الذي يمنعه من التحرك اليوم؟!.
سورية وتركيا بلدان عضوان في المنظمة الدولية (انتربول) وبالتالي لا يجوز لها أن تعبِّر عن عجزها بهذه الطريقة، وكان يجب عليها أن تتصدى لواجبها في حماية سورية من تجاوزات حكومة أردوغان إذا كانت عجزت لأسباب سياسية عن ردعه ومنعه، أما أن تخضع للضغوط السياسية الأوروبية والأميركية، وأن تتخلى عن مهنيتها وواجباتها في حفظ أمن الدول الأعضاء، وأن تتخلف عن التعاون معها بتبادل المعلومات واتخاذ الإجراءات المناسبة، فإنها بذلك تكون كمن يدين نفسه، وكمن يقدم الأسباب الموجبة لحل المنظمة الدولية وإقالة العاملين بها.
لا يكفي في حال من الأحوال أن يتحدث مكتب الانتربول عن معلومات، وإذا كان سلَّم بعجزه عن التحرك وعن القيام بالواجب المنصوص عليه بميثاق عمله، فلا يجوز له إخفاء هذه المعلومات عن الإعلام والرأي العام طيلة المدة الزمنية الماضية، ذلك أنه يتحدث عن معلومات راكمها خلال السنتين الأخيرتين في أقل تقدير - حسب تقريره - فلماذا لم يظهرها إلا في هذا التوقيت؟ ولماذا لم يضعها بتصرف الدول الأعضاء، وبتصرف الدول التي يضربها الإرهاب؟ ولماذا لم يتخذ أي إجراء ضد تركيا وشخص رئيس حكومتها؟ وهل كان ليخفي المعلومات ويعبِّر عن العجز لو تعلق الأمر بأمن إسرائيل؟ وهل كان ليفعل ذلك لو أن المتورط كان بلداً مناهضاً لسياسات الهيمنة الأميركية الأوروبية؟
بين انتربول في ليون الفرنسية ويوروبول في لاهاي الهولندية تعاون عميق مكين قائم منذ تأسست المنظمتان الأمنيتان، وقد أحبطتا بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الأوروبية الكثير من التهديدات الإرهابية، وسجلتا إنجازات مهمة في مواجهة التحديات الأمنية في القارة العجوز، فلماذا تتهاونان في التعاطي مع التحديات التي تهدد ضفة المتوسط المقابلة لأوروبا، ولماذا تغضان الطرف عن تجاوزات وتورط الحكومة التركية لو لم تكن المنظمتان خاضعتان للمزاج السياسي الغربي المتورطة إدارته بالشراكة مع أردوغان في مسألة دعم الإرهاب؟.
التخلف عن القيام بالواجب الأمني، والتهاون في التعاطي مع التحديات والتهديدات الإرهابية، والإخفاء المتعمد للمعلومات، والخضوع للمزاج السياسي الغربي بما يتعارض مع ميثاق العمل والمهنية للانتربول، وعدم التحرك باتجاه المحاكم الجنائية الدولية المختصة لمحاسبة أردوغان وحكومته ومعه ومعها جميع الأشخاص والحكومات المتورطة بدعم الإرهاب لا يدين أردوغان والانتربول فحسب، بل يضعهما معاً في قفص واحد.