تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


جدران

معاً على الطريق
الاثنين 29-12-2014
أنيسة عبود

الآن..والسنة تلتفت إلى الباب , تلتفت أنت إلى الجدار الواقف أمامك..لا يريد هذا الجدار أن يتزحزح مع أنك حملت مطرقة الزمن وبدأت بالهدم..لكن الجدار ظل واقفاً , وأنت انهدمت.

...........................‏

الجدران تتناسل كما فئران الأنابيب..تسد عليك الفراغ..وتمنع عنك الهواء..لكنك تبقى واقفاً..لا تخنقك الحجارة ولا تثنيك عن مواصلة الدرب .كأنك ذاك الجندي الواقف في باب الريح..الصامد في وجه الجدران..كأنك السوري الذي ينتمي إلى الزمن الفسيح , لا إلى الجدران الصامتة المكفهرة.‏

أيها الباحث دائماً عن مشكاة الضوء..لا تبحث كثيراً..الضوء في يدك..أطبق يدك فقط والتقط الشعلة.‏

...............‏

الجدران..تقف أحياناً في وجه الساعة.‏

لكن الساعة تمضي..والوقت يسجل عمره الجديد غير آبه بالجدران‏

نبكي خلفه كفلسطيني يشم رائحة أمه الواقفة خلف جدار العزل..ونلمسه حيناً..علنا نزيحه قليلاً لنرى الضوء..‏

لكن الجدران لا تأبه للدموع ولا تعنيها الشمس ..تخبئ القاتل والمقتول ولا تبكي أبداً‏

...............................‏

عندما تمر السنة..ستعبر جدراناً كثيرة.سيدوّي الرصاص..وتهلل المصابيح..تتفرج الجدران على العابرين..لكنها لا تتزحزح , لأن الذاكرة جدار..ولأن الشوق جدار..والجدران تركض خلفنا حيناً وحيناً نركض خلفها.‏

.......................‏

ولأن الجدار لا يتكلم..ولا يبكي..ولأنه لا يحسّ ولا يشعر بالذين سافروا أو فارقوا أحبتهم على عجل ..لا نعتب عليه ولا نعاتبه..‏

غير أني أعتقد أن بعض الجدران تشعر أكثر من بعض البشر..على الأقل هي لا تنحني بينما بعض البشر ينحنون ويبوسون الأقدام..ويبيعون وطناً من أجل حفنة دولارات.‏

البشر القساة جدران..الجدران تحدّ من انطلاق المحبة.‏

..................................‏

تجيء السنة الجديدة..وتخرج من عبّها عناوين جديدة..أسرع والتقط عنواناً لك..أو تاريخاً مميزاً‏

لا تتأخر وإلا اصطفت الجدران أمامك..عندئذ لن يفيدك تغيير التاريخ ولا تغيير تسلسل الأيام..الأيام بك وبدونك تركض.حاول أن توقف الجدار في وجهها حتى لا تتوقف أنت.‏

......................‏

هل نبكي على الجدران المهدمة , أم نبكي على التاريخ المهدم , المنهار ؟‏

هل سنسجل التاريخ الجديد لسنة تساقطت كجدار قديم دون أن ترتجف يدنا أم سترف العين بالدموع وننظر إلى الوراء قليلاً وإلى الأمام طويلاً ونقول كما قالت المبدعة كوليت خوري ( أنا ولدت في المستقبل )؟‏

هل ننتظر المستقبل أم المستقبل ينتظرنا ؟ من عليه أن ينتظر الآخر ؟‏

.....................................‏

لا أظن أن أحداً يطوي السنة ولا يقف متأملاً راغباً لو يمسك بالسنة ليمنعها من الرحيل..لكن السنة ستفلت من يديه وتخرج إلى غير رجعة.. ومع تغير ساعات قليلة..يتغير النبض والشعور ويتغير الحلم ..هذا الخروج القسري هو الذي يحزننا. نود بالتأكيد أن نحتمي بالأحبة الذين غابوا وتركوا أماكنهم للأسئلة الحزينة.فهل من سؤال أكثر تعبيراً من ( كيفك إنت..متى سترجع ؟)‏

وا أسفاه..بعضهم لن يعود ولو عادت السنة ولن يرجع ولو رجعت الأيام إلى الوراء.لا الوراء يتقدم..ولا الأمام بيدنا..بيدنا فقط ان نحلم بإزالة الجدران الواقفة في وجه المستقبل.‏

وبيدنا أن نمرر السلام على قبور الشهداء..السلام على دمهم..على قمصانهم , على عيونهم الغافية تحت التراب. وعلى الأمهات الصابرات.‏

السلام على البلاد الأبية. على تلالها وسهولها وشعبها وسنديانها العالي.السلام على شوارعها وحاراتها وجسورها وحقل قمحها وقطنها وبرتقالها..السلام ثم السلام وكل عام وأنتم بسلام .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أنيسة عبود
أنيسة عبود

القراءات: 682
القراءات: 805
القراءات: 731
القراءات: 689
القراءات: 723
القراءات: 653
القراءات: 674
القراءات: 870
القراءات: 922
القراءات: 753
القراءات: 729
القراءات: 768
القراءات: 755
القراءات: 848
القراءات: 749
القراءات: 744
القراءات: 734
القراءات: 817
القراءات: 728
القراءات: 880
القراءات: 738
القراءات: 784
القراءات: 871
القراءات: 953
القراءات: 756

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية