وقد نشأت نشأة واحدة غير بعيد عن أذرع الصهيونية المقيمة في الغرب الاستعماري، وها هو التاريخ يُحدِّث؛ وهو متاح لمن يريد أن يقرأ ويطّلع ليقف على الحقيقة الكاملة المتصلة بالنشأة والانتشار والدور الذي لمّا ينتهي بعد.
لن نسرد وقائع تاريخية ثابتة معلومة معروفة وموثقة تتحدث بوضوح عن نشأة ودور كل سلالات التّطرف والإرهاب سابقة الذكر، لكننا نسأل كل الذين ما زالت تُشكل عليهم قراءة الأحداث وتطوراتها الأخيرة، ولا سيما خلال السنوات الثلاث الماضية، عن عناصر الغموض التي تجعلهم غير متيقنين من أن أعراب الخليج يلعبون دوراً قذراً ومدمّراً في الوطن والأمة، ودوراً مسيئاً مشوّهاً للعرب والإسلام بعد كل الذي فعلوه، ويستكملونه بإعلان التحالف مع (إسرائيل) والالتقاء معها، فضلاً عن تحالفهم التاريخي المعلن مع أميركا والغرب صانع (إسرائيل) ومظلتها !.
علاقة سلالات التطرف وأنظمتها الحاكمة في دويلات الخليج مع إسرائيل والغرب وإن كانت لا تخفى على أحد في هذا العالم منذ زمن بعيد، تُنفّذ ما يطلب منها وتطيع كل الأوامر التي تؤمر بها، فإنها تبدو اليوم في أوضح صورة تُظهر كل تفاصيل القبح والقذارة المكتنزة بالجانبين الغربي والخليجي اللذين يُكوّنان صورة التطرف ومشهد الإرهاب، حتى إن بعض الغرب راح يقع بزلات لسان تفضح الأمر والقصة عن آخرها، ربما لجهله، وربما لعدم استيعابه الأسباب التي تجعل الأمور على هذه الدرجة من الوضوح في إبراز قبح وقذارة الأشخاص والحكام والمخططات والأدوار.
بعد اعتراف ديمبسي بأن حليفاً أساسياً لواشنطن يُموّل التطرف والإرهاب في سورية، وبعد حديث بايدن عن أصدقاء واشنطن (الرائعين) الذين سماهم بعينهم كداعمين وممولين للإرهاب في سورية، وكمؤدين بارعين لأدوارهم في المنطقة، يزل لسان ديفيد كوهين المسؤول الرفيع في وزارة الخزانة الأميركية متحدثاً عن دور قطر بتمويل الإرهاب والمتطرفين، ومتسائلاً ببلاهة الجاهل بمخططات بلاده: لماذا تتقاعس الدوحة عن القيام بمعاقبة المؤسسات الخيرية التي تمول المتطرفين، ويضيف: هل تلك الدويلة الخليجية غنية كفاية بحيث يمكنها القيام بتمويل التطرف بحصانة؟؟!.
بعد هذا وذاك، وبعد أن أمست غزيرة إخباريات الغرب عن أعداد المتطرفين الغربيين المشاركين في القتال بالعراق وسورية، يصدر في باريس كتاب (الملف الفرنسي الأسود على دروب دمشق) للكاتب جورج مالبرينو، ليكون عنواناً من بين عدة عناوين سبقته في الحديث عن العلاقة القذرة القائمة بين حكام الخليج وحثالاتهم الإرهابية المتطرفة من جهة، وبين حكومات الغرب المتصهين من الجهة الأخرى، وعن دور كل من الطرفين بنشأة التنظيمات الإرهابية وتمويلها وتسليحها وتدريبها وتوجيهها.
يقول مالبرينو: إن فرنسا تتحمل المسؤولية الأكبر في وصول تنظيم داعش الإرهابي إلى سورية، ويؤكد أن باريس حوّلت الأموال القطرية إلى الإرهابيين في سورية، وأنها سهّلت حركتهم عبر المطارات والموانىء والحدود، وأنها سلّمتهم السلاح مباشرة وعبر أطراف أخرى في المنطقة، وأنها زودتهم باستمرار بصور حديثة التقطتها الأقمار الصناعية الفرنسية والغربية، وأنها حثت مشيخة قطر على تشكيل تنظيمات إسلامية متطرفة جديدة بعد إدراج الولايات المتحدة بعض التنظيمات العاملة في سورية والعراق على لوائح الإرهاب، فهل هناك من فعل أوقح مما تقوم به دويلة قطر والسلطنة العثمانية ومملكة الرمل وحكومات الغرب وأميركا وإسرائيل، ينتظره المشككون وغير المتيقنين ليتبينوا الحقيقة، وليتثبتوا من أن سلالات التطرف والإرهاب هي نتاج غربي صهيوني خليجي سلجوقي حصري!!.