الأول نجح من حيث أن ما طلب منه كان اعداد تقرير عما يجري، وقد أعد التقرير. ورفض تقريره !! لأنه نجح فيه أو اقترب كثيراً من النجاح !!. أهم أسباب نجاحه أنه لم يأت للعمل مسربلاً برداء لا يخترقه الرصاص وأذنين مفتوحتين على قنوات البث الفضائي وغيره. بل جاء ومعه كادره ودخلوا مواقع القتال والاشتباكات وتحروا ما الذي يجري على الأرض وتعرضوا للخطر في غير مرة. لكن الفشل فرض على المهمة لأن الغش وفساد النيات رافقها من البداية، حتى عندما اختاروا الفريق الدابي، نووا سوءاً متوهمين فساداً في الرجل من خلال كونه متديناً مسلماً وقد عمل طويلاً سفيراً لبلاده في بلاط آل خليفة.... لكنه فاجأهم...
جيء بكوفي عنان مرشحاً من الأمم المتحدة.. وقبل انطلاق مهمته فرضوا أنه مرشح لجامعة الدول العربية، على الرغم من رفض سورية للعودة للتعامل مع الجامعة ومقرراتها ومبادراتها بعـدما ظـــــهر من مواقف لها تخضع كلياً لحمد بن جاسم مدعوماً بموافقة السعودية ومن ثم مصر مرسي. كان ذلك مؤشراً مهماً لسوء النيات ولم يكن من ضرورة فعلية، إذا ما كانت النية البحث عن مخرج للأزمة لإلحاق صفة المبعوث الدولي و«العربي» التي كان يركز عليها إعلام العداء لسورية، به.
عنان شخصية سياسية دبلوماسية مرموقة. له علاقات وصداقات كثيرة في العالم ومن خلال هذا الطيف الدبلوماسي العالمي حاول أن يجد مبادرة أو خطة عمل بعيدة إلى حد كبير عن دقائق وحقائق ما يجري في سورية، فكان نجاحه مستحيلاً واستقال.
أما الإبراهيمي فهو العاجز الذي ولد من العجز فانتهى من حيث بدأ وأشك أن يكون فهم حتى اليوم حقيقة ما يجري في سورية. الحقيقة أن الإبراهيمي وعنان دارا حول فكرة تغيير النظام عبر اسقاطه!!! وهو ما لو كان ممكناً... لما كان من حاجة لجهودهما... واستقال الرجل.
يسعى اليوم دي ميتسورا وأكثر ما يخشى منه على مهمته أن يقع في حلول النظارات. أعني الحلول بعيداً عن كل معطيات الواقع القائم وأعتقده غنياً بها. من بين هذه المعطيات مثلاً : الجهود الوطنية التي بذلت لتحقيق مصالحات وطنية حققت نجاحات مهمة هنا وهناك. بعض هذه النجاحات لم تكن غائبة عنها الأمم المتحدة «حمص». بالتالي ننتظر من الرجل أن ينتبه إلى الحقائق التي تقدمها اتفاقات المصالحة الوطنية في سورية إن لم يكن منتبهاً لها بعد!
اتفاقات المصالحة الوطنية لا تعود إلى الماضي.. ولا تجمد واقعاً مربكاً إلى درجة استحالة الحياة والعمل في ظله، بل هو واقع ينذر بمخاطر أشد من القائمة اليوم إن ثبت على ما هو عليه... بل تنشئ هذه المصالحات لواقع جديد جدير بالدعم مهما بدا فيه من هشاشة.
As.abboud@gmail.com