تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


البعث واستدراج الأسئلة المؤجلة

الافتتــاحية
الأحد 7-4-2013
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

يستدرج البعث بعد ستة وستين عاماً الكثير من الأسئلة المؤجلة منذ عقود، وجاءت التطورات الأخيرة لتلح في استحضار إجابات حاولت في كثير من الأحيان المماطلة والتريث والتأجيل لبعض الوقت أو تعاطت مع المراحل بتباين معطياتها بالنمط ذاته، وحتى بالرتم نفسه.

ربما لا ينفع الحديث اليوم في كثير من مسلمات الماضي، ولا نغالي إذا قلنا: إن الاتكاء على ظواهر طافية بشكل آني على السطح لقراءة الحاضر قد لا يكون صائباً في مطلق الأحوال، لكن في الوقت ذاته سيكون من الضروري النظر بالمرآة ذاتها سواء في محاولة التصدي لمحاكمة الماضي، أم في مقاربة ما هو قائم، وأيضاً في تجربة استقراء القادم.‏

فالتحديات لا تقتصر على ما تعانيه القومية من طعن مستعرٍ في وجدانها، ولا هي محصورة في زاوية الصدام مع مفردات تريد أن تزيح العروبة عن حاضنتها الفكرية، بل تتحرك في مختلف زوايا العمل السياسي والحزبي على حد سواء، وتزداد حضورا في الحيز الذي يشكله البعث في تاريخ الأمة وخصوصا حين تُسْتهدف في أهم مكوناتها، وتراكم من المتاعب الناتجة حين تتعثر في الإجابة على اشكاليات استجدت بحكم تقادم السنين.‏

لذلك قد يبدو من الظلم أن تقارب المسألة برمتها من منظور الرغبة في إجراء تلك المحاكمة التي تبرز وتتكثف محاولات تظهيرها وفي زمن تتكاثر فيه متاعب القومية الناتجة عن أوجاع العروبة، لتتصدر واجهة كل المحاولات المشابهة لمساءلة مرحلة بحد ذاتها وربما تاريخ امة برمته.‏

في منظور القراءة للتجربة تتباين الرؤية وتتعارض الاستنتاجات بحكم الظرف التاريخي الذي يدفع بالبعض إلى المغالاة في المحاكمة من منظور النتائج دون أن يقرن ذلك بالظروف، ويحاول أن يقدم الدليل على أنه وجد الشماعة التي يستطيع من خلالها أن يعلق كل أخطاء الماضي وحتى عثرات الحاضر وربما انعكاسات المستقبل.‏

في التجربة سيكون من الصعب الفصل لكن هذا لا يعطي الذريعة للذهاب بعيدا، وبالتالي فإن من المنطقي الأخذ بالاعتبار ما تعرضت له مسيرة العمل السياسي العربي من منحنيات بدت في تجارب الكثير من الأحزاب وكأنها تعرجات، وأحيانا جاءت بمستوى انكسارات، وانهمرت الاتهامات بشكل متواتر مستغلة مناخ التهجم على القومية والعروبة لتشهر خنجر غدرها من باب ما يمثله البعث في الوجدان القومي.‏

أمام هذا الجنوح في الطرح كان لا بد من إعادة المعايرة على قاعدة بسيطة مفادها وجوهرها أن البعث في هذه المرحلة ليس في طور المخاض كما يتوهم البعض، ولا هو في مرحلة البحث عن هوية تناسب لون العصر بدمويته المفرطة أو في يباسه المزدوج، ولا يحتاج بالأساس إلى تحديد نموذج يقارب من خلاله ما يعتقد البعض أنه بحاجة للمقاربة، خصوصا أنه يمتلك القدرة والمرونة على المواجهة والملاءمة بين التكتيك والاستراتيجية.‏

على هذه القاعدة يمكننا النظر إلى ما هو أبعد من الجزئيات التي تطفو اليوم، ونستطيع أن نجزم أن البعث ليس في إطار القبول باي تجاوز على بديهيات العمل خصوصا أنه يحدد خطوات إعادة تبويب الأولويات التي ترسم خطا أفقيا يتقاطع مع مرتسمات عمودية تمليها التطورات والأحداث.‏

وربما جاءت المرحلة بما فرضته من تحديات لتخلق في الآن ذاته ما يطابقها من فرص، لا تكتفي بتوفير عوامل االمواجهة الآنية والمستقبلية فحسب، بل تفتح بوابات فعلية لكسب الرهان، والانتقال من مرحلة صد السهام - على كثرتها - إلى المبادرة بتعزيز مؤشرات نهوض شعبي يرتسم في بقع متناثرة من الوضع العربي، تصلح في النهاية كقاعدة لنفض ما تراكم من ترهل السنوات والعقود من جهة، ولتشكيل مد عربي مناهضٍ لزمن الردة ومجابهٍ للمحاصصة السياسية القائمة على تورمات الحالة الفردية وطغيان المال النفطي وفكره الظلامي بطابقيه الوهابي والأخواني من جهة ثانية.‏

a.ka667@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 7072
القراءات: 987
القراءات: 1144
القراءات: 933
القراءات: 936
القراءات: 921
القراءات: 1046
القراءات: 886
القراءات: 822
القراءات: 917
القراءات: 969
القراءات: 857
القراءات: 793
القراءات: 847
القراءات: 1049
القراءات: 924
القراءات: 741
القراءات: 931
القراءات: 954
القراءات: 1015
القراءات: 971
القراءات: 844
القراءات: 1018
القراءات: 926
القراءات: 1054

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية