ويعد سابقة خطيرة من شأنها أن تعقد مسيرة السلام في السودان وأن تجعل أمن منطقة وادي النيل قلقاً وأبعد ما يكون عن الاستقرار.
وفي زحمة المواقف المعلنة من قرار محكمة لاهاي ادعى البعض ان عدم تعاون السودان مع المحكمة سيدخله في مواجهة مع المجتمع الدولي، فمن يكون المجتمع الدولي الذي سيواجهه السودان، وهل اختار السودان هذه المواجهة أم إنها فرضت عليه ولم يكن يحتاجها أو يبحث عنها؟!
كما واجه السودان الكثير من التحديات هو بكل تأكيد سيواجه هذا القرار ليس اختياراً وانما صيانة لسيادته واستقلاله لانه قرار سياسي يستهدفه نظاماً ووحدة وأمناً وثروات، ولأنه جزء من مخططات قديمة سعت وتسعى قوى بعينها لاحيائها تحقيقاً لاطماعها فيه، وهو لن يواجه الامم المتحدة ولا مجلس الامن الدولي وانما أقطاباً دولية معروفة ومحددة لا تقيم وزناً للمجتمع الدولي ولا لمؤسسات المنظمة الدولية، بل تستخدمها أداة ومطية لتحقيق أهدافها ساعة تشاء وتمد اللسان لها وللمجتمع الدولي ساعة تشاء!!
هذه المحكمة ومن ورائها تلك القوى لا ترى الموت البطيء الذي يكابده الفلسطينيون في قطاع غزة جراء الحصار الاسرائيلي ، ولا ترى عمليات الاستيطان والتهجير واقتلاع الناس من ارضهم في فلسطين ،ولم تسمع بجرائم الحرب والابادة الجماعية المرتكبة في غزة ... هي تتجاهل كل هذه الأدلة في فلسطين ومثلها في العراق وأفغانستان لكنها في الوقت عينه ترى ذلك كله في تصدي حكومة الخرطوم الشرعية للمتمردين والانفصاليين والخارجين على الدولة والقانون!
الخرطوم التي أعلنت أنها سترد على القرار السياسي هذا بمزيد من التنمية وبمواصلة محادثات السلام لحل النزاعات والمشكلات القائمة في دارفور وحلايب، وبالعمل على ترسيخ اتفاقيات السلام في الجنوب ينبغي ألا تترك وحدها في مواجهة حملات الاستهداف السياسي التي تقاد ضدها بأدوات ومؤسسات دولية.
وينتظر من جامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي ومنظمة المؤتمر الاسلامي وحركة عدم الانحياز أن تقف الى جانب السودان فتعلن الدول الاعضاء في هذه الهيئات الدولية والاقليمية رفضها لقرار محكمة لاهاي وانسحاب الدول الموقعة من اتفاقية روما، ذلك لأن صدور مذكرة التوقيف لم يترك لها خياراً آخر ، بل يقدم لها دليلاً آخر على الازدواجية وتعدد المكاييل التي تكال بها القضايا الدولية.