أقول بصدق: أنا مؤمن تماماً بسوريتي، على أساس أنها الحياة ودونها الموت بكل معانيه.. ومؤمن بسورية أولاً دون أن أتنكر للعروبة أوالانسانية، لكن ذلك لا يدفعني أبداً إلى الاعجاب بهذا «السوري»، ولاأقبل التسليم أن ما نواجهه من حالة كارثية مسبوقة في التاريخ العالمي بالتأكيد، لكنها تتربع على عرش الكوارث، إنما هومن صنع غيرنا !!؟؟ بل هومن صنعنا بامتياز.. ولن ينفعنا إدعاء خلاف ذلك، هذا الادعاء بأطر البهورة والحماسة الكاذبة وتصنع الوطنية على حساب الحقائق الدامية الدامغة، يؤذي هذا الشعب ويؤخر في خلاصه.!
أين هو هذا السوري الذي تتحدثون عنه في كل مواقعكم ومن مختلف أبواقكم.. أين هو.. ؟! ألا تروننا مشتتين بائسين مهددين تعصرنا الآلام حتى الموت ويبنى لنا مستقبل بالسكين تحز الأعناق أو بالقصف والقتل والسيارات الفخورة بحجم ما تحمله من متفجرات.
هناك «مؤامرة» بالتأكيد.. دائماً هناك مؤامرة.. ماالجديد في الأمر..؟! كل الشعوب تواجه مؤامرات تخدم مصالح عندها لأمم أخرى ! لكن المؤامرة تحتاج مناخاً لإنضاجها.. هذا المناخ ينتشر بسبب خيباتنا المتتالية.. في الاقتصاد.. في السياسة.. في التعليم.. في القضاء.. في الاعلام.. وفي.. وفي.. إلخ
هل هي المؤامرة التي جعلتنا ننتهج في الحياة والإدارة والمجتمع، منهج «حلال للشاطر».. هل تعرفون كيف تستشري فينا اليوم.. في كل المواقع.. عند كل المصالح.. عند الحكومة والادارة ولدى المواطنين الأعزاء؟! هل رأيتمونا إذ خطرت على المسامع إشاعة أوأكثر من إشاعة.. هل تروننا عندها على الأفران.. في محطات الوقود.. أمام كل المنافذ لتوزيع أي سلعة كانت.. وحتى على خطوط استجرار الطاقة..؟!
طبعاً لا أقبل أن أميع المواقف فأساوي بين غلام يبيع ربطات الخبز.. أوعامل على محطة وقود.. أوموظف حقير في مؤسسة بائسة يتقاضى نصيباً محدوداً من الفساد للقيام بواجبه.. لاأساوي بين أحد من هؤلاء وحيتان الفساد بمن فيهم من يسعون لتبييض سمعتهم، لأنه من المستحيل تبييض أموالهم، عبر التبرعات السخية التي تتحدث عنها أبواق لهم.. سواء كانت تبرعات لأسر الشهداء أوللجيش أم للفقراء.. إنهم كذابون يسرقون مال الشعب على مبدأ حاميها حراميها وحلال للشاطر.. ينهبون البيوت التي هجرها أصحابها تحت تهديد الموت... ويضربون جذوراً عميقة لهم في الفساد..ثم ي ت ب ر ع ون..؟.!
في ذلك يتساوى الكثيرون.. الحكومة متمثلة بإدارتها.. المواطن متمثل بأنانيته.. المعارضة في الداخل والخارج.. دون الارهاب فهذا لامثيل له ولا لفساده..
أكثر من ذلك كله.. هانحن نتذابح من أربع سنين.. من يقول لنا: لماذا!!! ومن أجل ماذا.. ينشدون دولة جديدة ؟! ما هي ؟!.. إنه صراع على السلطة وحسب لا يتضح منه إلا الارهاب لإقامة الدولة الاسلامية.
هذه المرة الثانية التي أضع لمشروع مقالتي عنواناً «بضيعتنا الحلوة» ويذهب بي القلم باتجاه آخر.. المرة القادمة سأثبت على الكلام وأحكي لكم عن ضيعتنا الحلوة وما أشبهها بالأم سورية !.
as.abboud@gmail.com