تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لاهوت السوق

لبنان
معاً على الطريق
الأربعاء 16-9-2009م
نبيه البرجي

«إنه الغول الأبيض الذي يبتلعنا قطعة قطعة...»

هذا الكلام قيل منذ عقود في «الغزو الثقافي».‏

المصطلح أصبح باهتاً ومضطرباً وربما عبثياً أيضاً إذا ما جرت مقاربته كلاسيكياً، وإذا لم يؤخذ بالاعتبار «على المستوى الأميركي تحديداً، ومن حيث يفترض أن يأتي الغزو» إن المعايير اختلفت، القيم أيضاً، الآليات أيضاً وأيضاً.‏

لا أحد منا خشي، في يوم من الأيام، مما كتبه بنيامين فرانكلين أو جون شتاينبك أو أرنست همنغواي أو توني موريسون، كما أن الثقافة الأوروبية، بوجه عام، تتقهقر، أين هم رجال مثل هيغل، وهايدغر، وحتى مثل جان بول سارتر وصمويل بيكيت واندريه بريتون. لا وجودية، ولا عبثية «منهجية» ولا سريالية، ولا حتى دادائية أو بنيوية..‏

المعيار الآن للوجه الآخر للثقافة. ما تقوله السوق. حتماً انتفت المسافة بين هوليوود وول ستريت والبنتاغون. ثمة أقانيم تنتج عما يمكن أن يسمى «لاهوت السوق». ألم تقل توني موريسون انه حتى النص المقدس يوظف لخدمة الهمبرغر والبوينغ مروراً بالروك آند رول.‏

لا أحد منا مع ثقافات الأقبية، أو مع ثقافات الطوطم. يقول مارك هالتر الذي بحث في «الجمجمة اليهودية»، نافياً، بيولوجياً وإيديولوجياً، القاعدة «الشاذة» حول عبقرية السلالة، إن هناك راعياً من الشرق الأوسط دفع بقطيعه منذ 45 ألف عام، غرباً حين شاهده سكان القارة العجوز، بهروا، ونشأ مفهوم المؤسسة من تلك اللحظة الشرق أوسطية..‏

الثقافة ارتدت عباءة السوق. والأمر المضحك أن صامويل هانتنغتون الذي اخترع في زمن العولمة نظرية صدام الحضارات عاد ليحذر من الغزو الثقافي الآتي من أميركا اللاتينية، من قرأ ما كتب تساءل ما إذا كان الخوف من لغة خورخي بورخيس، أم من «الإله الكاثوليكي» (بمفهوم هانتنغتون بالطبع) أم من كرنفال الريو، فيما المنظّرون الأميركيون يتحدثون عن العالم الأميركي لا عن الأمة الأميركية، ولكن ألم يصف البعض انتخاب باراك أوباما بأنه من تجليات الغزو الثقافي للولايات المتحدة؟.‏

ملاحظة أخيرة: رغم هشاشتنا السوسيولوجية، رغم تبعثرنا، رغم فوضويتنا «وأحياناً كثيرة بدائيتنا» لسنا خائفين من السقوط الثقافي ليس لأننا في حالة انعدام الوزن. الأخرون، رغم كل تلك الأرقام الهائلة، مثلنا...‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 16/09/2009 02:00

شدني العنوان وفشلت في التعليق على النص.

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 نبيه البرجي
نبيه البرجي

القراءات: 874
القراءات: 916
القراءات: 1001
القراءات: 1094
القراءات: 1130
القراءات: 1028
القراءات: 927
القراءات: 1135
القراءات: 983
القراءات: 963
القراءات: 1088
القراءات: 1200
القراءات: 1173
القراءات: 1279
القراءات: 1066
القراءات: 1234
القراءات: 1149
القراءات: 1099
القراءات: 1027
القراءات: 1141
القراءات: 1091
القراءات: 1132
القراءات: 1166
القراءات: 1175
القراءات: 1243

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية