| الشرقيَّاتُ الثَّلاث الكنز فما زالوا يعتبرون أنَّ اتّخاذ قرار الاستثمار هناك ينضوي على كثيرٍ من المغامرة، ومن الواضح أنَّ الحكومة تُدرك هذا المفهوم جيداً، فسعَتْ ونجحت في مسعاها لإطلاق مبادرة الإعفاء من الضريبة على الأرباح الحقيقية لمدة عشر سنوات بالنسبة للمشاريع الاستثمارية التي تُقام في الشرقيات الثلاث، وقد تبلور هذا النجاح من خلال تشريع ذلك، بالمرسوم 54 الذي صدر مؤخراً بهذا الشأن، والذي يُعبّرُ بطبيعة الحال عن رؤية الحكومة التي تعتقد بأنَّ مثل هذه السنوات العشر من الإعفاءات كفيلة بأن تجعل المستثمرين يتقاطرون إلى دير الزور والرقة والحسكة، ولكن – على الأرجح – فإنَّ الأمر لن يكون كذلك، فهذه السنوات المُعفاة من الصعب أنْ تُشكّلَ ذلك الحافز الحقيقي عند مستثمرين يخبرون جيداً قيمة المكوث بجوار دمشق أو حلب أو حمص، على الرغم من أنَّ مستقبل المنطقة الشرقية أهم وأفضل بكثير، فهناك السلّة الأساسية للاقتصاد السوري – كما هو معروف – زراعةً ونفطاً وغازاً، وابتعاد الشرقيات الثلاث عن العاصمة لا يُفقدها إستراتيجية الموقع إطلاقاً، وهذا ما يعرفه الكثيرون، ولكن كأنَّ هذه المعرفة ما تزال تعيش في العقل الباطن، دون أن يجري التعامل معها كحقيقةٍ على الأرض، فالعراق تُحيطُ بدير الزور شرقاً وجنوباً بالكامل، ودير الزور من أقرب النقاط في سورية إلى السعودية ودول الخليج العربي، أما الرقة فلها منفذ عريض في الشمال على تركيا، فيما تُحاط الحسكة من الشرق بالعراق، ومن الشمال بتركيا بالكامل. غير أن المنطقة الشرقية ما زالت في الخطوات الاولى على طريق الاستثمار، ولولا وجود الثروة النفطية لكانت مجرد منطقة زراعية كلها تقريباً، فالمسألة ربما تحتاج إلى تسليم المستثمرين أطراف الخيوط بأمانٍ وديناميكية وسخاءٍ أكثر، كأنْ نقول: مَنْ يستثمر هذا العام هو مُعفى إلى الأبد من كل شيء، ومن يستثمر في العام القادم مُعفى خمسين عاماً، والذي يليه خمس وعشرين عاماً، وهكذا حتى تصل المدة عبر آليةٍ مدروسة إلى السنوات العشر. Ali.gdeed@gmail.com
|
|