تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عطر الكبرياء

معاً على الطريق
الإثنين 1-4-2013
أنيسة عبود

صديقتي التي أرسلت لي زجاجة عطر أرسلت معها رسالة تقول: لا عبق يضاهي رائحة دم الشهداء ولا عطر أكثر نفاذاً وديمومة من بخور وعرق تراب الوطن وأهله.

لذلك لا تزال علبة العطر التي أرسلتها صديقتي مغلقة ومغلفة.‏

مرات حاولت أن أفتحها..ومرات تراجعت..عرت أني أخون نفسي وأخون وطنيتي إذا ما فتحتها ونثرتها على ثيابي..فهل يحق لنا أن نتعطر ودم الشهداء يعطر سورية كلها ؟‏

هل يجوز أن نرش العطر و مناديل الأمهات مرشوشة بعطر الشوق ودماء الأبناء ؟‏

لا .. لن أفتح زجاجة العطر يا صديقتي ..يكفي دمهم عطراً ..هذا العطر ليس لي .. إنه لهبوب الرياح التي تلفح الروح من شدة الغياب ..عطري أنا الحزن على بلد عزيز يفتته الأجلاف والخونة ..عطري الصبر والشوق إلى بلاد كانت بلادي ..وكانت بيوتها بيتي ..وكان أهلوها أحبتي ..عطري رائحة الأحبة الذين غابوا وما حضروا كي تحضر سورية .. وكي يحضر المجد.‏

........................................‏

عطري صرختهم الصامتة.. طلاب الهندسة المعمارية .. دمهم الذي انساب على الأدراج وبين المقاعد والكراسي ..ماذا كانوا يقولون ؟ وماذا كانوا يفكرون ؟ هل تناولوا الشاي أم شربوا قهوة الصباح ؟ هل قدموا امتحانهم أم كانوا ينتظرون قلقين موعد الامتحان العملي ؟‏

هل خطر ببال أحدهم أنه لن يعود إلى أمه ؟ أو أنه لن يشم ياسمين دمشق بعد هذا الصباح ؟ يا له من صباح حزين يبزغ من بين الدم والدفاتر والأقلام والأشلاء ..أجساد غضة سهرت الليالي ..وأحلام شاسعة واعدة ..ورصاص كافر يتنقل من بيت إلى بيت ومن حلم إلى حلم محاولاً القضاء على منابر العلم وعلى المستقبل الزاهر..رصاص ظالم وعقول مخربة تريد إعادتنا إلى عصر التخلف والجهل والساطور..فتاوى ..وشيوخ قتل وزنا.. و بلاد تذبح من الوريد إلى الوريد ..ماذا بعد ؟‏

.............................................‏

ماذا بعد العطر...وقد تحولت سورية إلى زجاجة عطر أبدي الرائحة وأبدي البطولة ... بينما صار العميل مجرد معارض ..وصارت الخيانات وجهات نظر.. أما الذبح فهو من أجل الحرية ...وا أسفاه ..ماذا يريد الغرب أكثر من ذلك ؟ وماذا تريد إسرائيل أكثر من هكذا خدمة لمصالحها ؟‏

وماذا ستقدم الأنظمة الرجعية أكثر من هذا الخضوع والذل ؟ يقول أحد جنرالات الموساد المتقاعدين: إن قطر قدمت لإسرائيل ما لم تقدمه أميركا أو بريطانيا على مرّ العقود المنصرمة.‏

أحياناً يخطر في بالي أن أمشي في الطرقات وأصرخ كما صرخ الكواكبي؛ كي (يفيق) الشعب و يتلقف عقله الذي ضاع بين البترول وبين العمالة، بين الغرب الاستعماري السارق لحضارتنا وتاريخنا وثرواتنا، وبين الرجعية العربية الخانعة ..قم أيها الشعب من غفلتك...انزع عنك ثوب الصمت ...تعطر بدماء الأبطال...قم...هذه سورية ..لا ترم بسورية إلى العصور المظلمة.. لقد سالت دماء كثيرة تكفي لننهض ونرى الحقيقة ...والحقيقة أن الشعب السوري هو أولاً ثم باقي الشعوب ..ومهما يكن هذا السوري فهو أقرب إلينا من القطري أو التركي أو..نحن الشعب السوري ..نحن أولاً ونحن من دفع الثمن آخراً ..ونحن المسؤولون عن هذا البلد .‏

وحدنا نواجه الطغيان ..وحدنا نواجه العاصفة ..ووحدنا سنعمّر النفوس والبلد .‏

......................................‏

لا ادري إن كان حبي لسورية يدعى تطرفاً في نظر البعض. لكن ليقولوا ما يشاؤون ..فأنا سوريّة الهوى والحب والتطلع والإيمان ولا أقبل إلا بسورية الواحدة الموحدة .. أما الذين يتعطرون بالقتل والخيانة لتراب الوطن ولشعبه وينادون بالتقسيم فما هم إلا صهاينة وأعداء .. إن مجرد التفكير بتقسيم سورية هو بمثابة الذبح لأجسادنا وبمثابة قطع الرؤوس لأبنائنا..سورية بلدنا جميعاً وحبيبتنا جميعاً ..ومن أجلها نتعطر بالصبر والفقر والحصار؛ لأننا على يقين أن العتمة ستزول وسيطلع النهار.عند ذلك سأفتح زجاجة العطر وأشم رائحة الانتصار.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أنيسة عبود
أنيسة عبود

القراءات: 714
القراءات: 860
القراءات: 765
القراءات: 726
القراءات: 770
القراءات: 681
القراءات: 707
القراءات: 911
القراءات: 957
القراءات: 788
القراءات: 766
القراءات: 804
القراءات: 796
القراءات: 882
القراءات: 785
القراءات: 774
القراءات: 766
القراءات: 849
القراءات: 758
القراءات: 908
القراءات: 773
القراءات: 823
القراءات: 903
القراءات: 985
القراءات: 788

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية