وإذا كانت إدارة الرئيس أوباما مقتنعة تماماً, كما تدعي أيضاً, بأن لا حل في سورية سوى الحل السياسي, وبأنها جادة فعلاً في البحث عن السلام لسورية والسوريين سواء بصحبة الشريك الروسي أو عبر ائتلاف الدوحة الذي يدعي المعارضة وتدعي هي عجزها غير مرة في إقناعه بالذهاب إلى جنيف.. فلماذا تتجاوزه وهو من يفترض به أن يكون معنياً بالحل السياسي فتذهب إلى تسليح فصائل أخرى لا يديرها ذلك الائتلاف ولا سطوة له عليها سواء عسكرياً أو سياسياً؟
ولأن الأمر الأميركي على هذا النحو من الدجل والنفاق السياسي والازدواجية الفاضحة وغير المبررة, ولأن الأمر لم يعد ملتبساً أو حمالاً لأوجه تفسير متعددة واحتمالات مختلفة, فإن النقاش الوطني السوري سواء من جانب الدولة أو من جانب الشعب أو من جانبهما معاً, لا ينبغي أن يراوح في مساحة العمل من أجل إقناع أميركا أو تغيير مواقفها المعلنة والمتخفية, أو مجرد فضح سياساتها الملتوية والمتلونة , بل أن يذهب النقاش إلى مساحة أخرى تكون منطلقاً للتعامل مع الأميركي كما هو في يومه وفي تاريخه, أي مكافحة الإرهاب الذي يتبناه ويدعمه على الأرض السورية وخارجها بما ينبغي أن يكافح به, وبالطرق والأدوات المناسبة دون التعويل على وقف مصادر تمويله وتغذيته, ودون انتظار أي تغيير سياسي أميركي محتمل أو العمل على تصنيع ذلك التغيير !
صحيح أن الأمر سيكون استنزافياً ومكلفاً أكثر , بيد أنه كذلك بالفعل منذ ثلاث سنوات ولن يكون أكثر لطالما أنه أمر واقع ومعاش يومياً, ولا سبيل في الأفق القريب, كما يبدو, إلى تغييره أو التخفيف من هجمته الشرسة .. فأميركا هي أميركا ولا جديد في الأمر !!