وأكثر من القصف الهمجي الجوي والبري والبحري. وهو ثانيا وصمة عار في جبين ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي لا يخجل اليوم ، كما لم يخجل بالامس خلال حرب تموز ضد لبنان، من منح المعتدي مزيداً من الوقت لاكمال جريمته ، بل ويمكن أن نعثر دون صعوبة على أصوات تصدر عن بعض اركان هذا المجتمع تعبر عن تفهمها لجريمة اسرائيل بوصفها “دفاع عن النفس” ضد صواريخ المقاومة الفلسطينية .
ان هذا التخاذل الدولي حيال ما يحدث في غزة، لا يمكن تفسيره الا من خلال العجز العربي الذي يتجاوز حالة الشلل الى المساهمة فعليا في اضعاف الموقف الفلسطيني وتغذية موقف العدو وفق منطق لا يختلف كثيرا عن منطق اسرائيل نفسها . وما يجري هو محاولة خبيثة وشريرة لخلط الاوراق وقلب المفاهيم، لتصوير الضحية كجلاد او عميل مأجور وتصوير السفاح كمدافع عن نفسه وفاعل خير لعموم المنطقة.
وفي غمرة الجدل حول العدوان ومبرراته وجدوى صواريخ المقاومة والحصار والمعابر، تريد اسرائيل أن تواري الصورة الاصلية عن الاحتلال وحق الشعب المحتلة أرضه في تحريرها بكل الوسائل المتاحة. وحيث لم تعط اسرائيل أي مفاوض فلسطيني خلال العقدين الماضيين أي شيء يقدمه لشعبه ويكون مبررا للدفاع عن خيار التفاوض، بل على العكس ضاعفت الاستيطان والاعتقالات ومصادرة الاراضي وبنت الجدار العنصري وغير ذلك من الممارسات العدوانية، يكون من الطبيعي أن تكون المقاومة هي الخيار المنطقي، وهو الخيار الذي تم تجريبه بنجاح في غير مكان وآخر ذلك لبنان الذي نجحت مقاومته في تحرير معظم الاراضي اللبنانية .
ان الدفاع عن غزة هو دفاع عن فلسطين لأن العدوان على غزة هو عدوان على كل فلسطين وكل العرب .ورجال المقاومة الذي يتصدون في جباليا وبيت حانون بصدورهم وأسلحتهم المتواضعة لجحافل الغزاة، انما يدافعون عن كرامة الامة العربية التي يفرط بها للاسف بعض حكامها ممن لا يؤمنون بقدرات شعوبهم ويضعون جل رهانهم على القوى الخارجية .