ويتجاوزوا خلافاتهم ويقفوا صفاً واحداً في مواجهة أخطر عدوان يمارس على غزة ويتخطى في استهدافاته حدودها الضيقة إلى العمق العربي، ففي أي زمن يتحركون ؟
ما يحدث في غزة اليوم لايقتصر في بشاعته وجرائمه الشنيعة.. على أهل غزة ولايعني فقط قوى المقاومة والممانعة ، بل هو صراع إرادات مكشوف يدور بين إرادتين؛ الإرادة العربية الحرة وتجسدها غزة المنيعة بصمودها الأسطوري ومقاومتها العنيدة وقد تخلى عنها بعض العرب بعد أن استبدلوا بالتزاماتهم القومية بالتزامات تفوح منها روائح الارتباط بالأجنبي ومشاريعه الاستعمارية، وإرادة الصهيونية وأميركا والغرب الاستعماري الذي مازالت تراوده أحلام استعادة مجده الاستعماري الغابر.
والمفارقة في هذا الصراع تكمن في تقاطع مواقف بعض العرب الرسميين مع مواقف أميركا والغرب التي تغطي على الحرب الاسرائيلية الوحشية وتحمل المقاومة مسؤولية الوضع الكارثي الذي حل بغزة وشعبها نتيجة لسياسات الحصار وجرائم الحرب الاسرائيلية البشعة.
تريد إسرائيل في هذا الصراع ومن ورائها أميركا والغرب أن تكسر إرادة المقاومة لدى العرب ثأراً لهزيمتها في حرب تموز وانتقاماً لهزيمة أميركا في العراق وسقوط مشروعها الشرق أوسطي، ليفسح في المجال أمام إحياء وتجديد مشاريع السيطرة والهيمنة والاستعباد، واختيرت غزة أنموذجاً ومسرحاً وميداناً لقهر الإرادة العربية، لتمردها وتمسكها بالمقاومة روحاً وثقافة وفكراً ونهجاً.
ومهما كان حتى الآن من نتائج مؤلمة لارتداد بعض العرب عن ثوابت النضال القومي وتقاليده، فإن الوقت لم يفت لمن يريد تصحيح هذا الخطأ الكبير، ولازالت الفرصة متاحة للعودة عنه، انتصاراً لغزة ودعماً للمقاومة وصوناً للإرادة القومية وحسماً لهذه الجولة من الصراع في مصلحة الأمة.