وتفجير أكثر من شخص نفسه ووجود نساء انتحاريات سلكن ذات السلوك في استخدام الأحزمة الناسفة في مواجهة قوات الأمن الفرنسية التي كانت تحاصر المكان. وعلى الأثر أصدرت الحكومة الفرنسية قرارات بتحويل الآلاف من القوات المسلحة لدعم القوى الأمنية والشرطة في مهمتها لمواجهة موجة الإرهاب التي تواجه فرنسا داخل أراضيها وتتجاوزها لتطول الفرنسيين في إفريقيا وربما يتجاوز الأمر العملية الإرهابية في مالي ما يمثل رسالة موجهة لفرنسا بشكل خاص أنها تبقى ضمن دائرة الاستهداف الإرهابي، في الوقت الذي تمارس فيه إدارة هولاند كذبها على الشعب الفرنسي من خلال عمليات جوية وضربات مستجدة ضد مواقع مفترضة للتنظيمات الإرهابية في الرقة والموصل.
وفي دول غير فرنسا ترتفع نسبة الاستنفار الأمني إلى الدرجات الثالثة والرابعة أعلى درجاتها، وذلك تحسباً لعمليات قد تحصل خلال الأيام القادمة، في ظل وجود معلومات استخباراتية تشير إلى احتمال قيام متطرفين مهاجرين من سورية بشكل أساسي بتنفيذ عمليات إرهابية انطلاقاً من المناطق التي يوجدون فيها علماً بأن الاستخبارات الأوروبية تمتلك بالتأكيد معلومات عن كل إرهابي حمل السلاح وقاتل في سورية أو غيرها ثم انتقل إلى أوروبا في موجة الهجرة والمشهد التمثيلي والمسرحي التراجيدي الذي رافق تصوير المعاناة التي يلقاها السوريون في رحلتهم نحو الأمان هروباً من الإرهاب بالتأكيد.
ولا أعتقد أن حالة الاستنفار القصوى سوف تقتصر على بلجيكا التي تعيش تحت هواجس الإرهابيين، فهي ستمتد إلى كل أوروبا والعالم نتيجة التخاذل وخداع الذات والتضليل الذي مارسته الحكومات الاستعمارية على مدى السنوات الماضية، وها هي اليوم تقع ضحية أكاذيبها وتكتوي بنيران الإرهاب الذي قدمت إليه عائدات الضرائب التي دفعها المواطن الأوروبي والأميركي ثمناً للأسلحة التي استخدمت لتدمير سورية وتخريب بناها التحتية في محاولة لإخراجها خارج ميدان مواجهة الصهيونية ومشروعها التنفيذي في فلسطين المحتلة.
واليوم ترتفع وتيرة التفاوض والمشاورات وطلب استشارات الرأي من المختصين ومراكز البحوث والدراسات لإيجاد مخرج من الأزمة الكبرى التي لم تكن في وارد من خططوا لضرب سورية وإضعاف المنطقة العربية كلها في المرحلة التي سبقت العدوان على سورية والمنطقة العربية. وربما كانت السيناريوهات التي حاكها المتآمرون لم تأخذ بالحسبان الخصوصية السورية لذلك بدؤوا عدوانهم عبر شعار الربيع العربي من تونس وليبيا ومصر بحيث يحصدون النتائج في سورية باعتبارها قطب الرحى في مواجهة المشروع الصهيوني، ففشلت سيناريوهاتهم، وهم اليوم يدخلون متاهة الخروج من هذا المأزق، وهنا لعل ضرب الإرهاب في العمق الأوروبي والعالمي يدفعهم لاتخاذ مواقف أكثر واقعية فيصارحون شعوبهم ويدخلون في مرحلة جادة لمواجهة الإرهاب تقتضي الاعتراف بعدم جدية الضربات الجوية وضرورة التعاون مع من يواجه الإرهاب نيابة عنهم، وهو سورية الوطنية بجيشها وشعبها وقائدها، وإلا فإن ادعاء مواجهة الغرب للإرهاب سيبقى مجرد فانتازيا كاذبة لن تفيد في ضمان الأمان والاطمئنان لشعوب أوروبا والعالم.