| غسل يديه... معاً على الطريق ولا أحد البتة يدافع عن الفساد والمفسدين, لكننا, بحكم الضرورة, بما في ذلك ضرورة البقاء, ندافع, وبكل ما أوتينا, عن العلاقات بين لبنان وسورية. فقط العلاقات لأنها, فعلاً, علاقات البقاء داخل ذلك الزلزال الذي يضرب المنطقة من أدناها إلى أقصاها: ألسنا أمام مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي بدأت (تباشيره) بالعراق وهلم جراً? هذا لنسأل صاحبنا ذاك: - من الذي وضع تلك الأسس الهندسية والفلسفية للخلل الذي شاب العلاقات تلك على مدى سنوات وسنوات? - من الذي أنتج تلك الطبقة من المهرجين (وقلنا رجال القش) الذين يبدلون وجوههم كما لو أنهم يبدلون أحذيتهم عند كل منعطف? - من ذاك الذي (تفاعل) مع العصابات تلك, فكانت السيارات الفارهة تصل وتستقبل بالابتسامات العريضة, حتى إن (الملوخية المطبوخة) كانت تصل من أحد الوزراء في بيروت إلى دارة من هاجم أهل الفساد الذين لا أحد يدافع عنهم, وعن موبقاتهم, بطبيعة الحال? - من الذي اخترق بالعائلة عالم رجال الأعمال الذين كان حلم الكثيرين منهم أن يحظوا بلفتة, مجرد لفتة, من أحد أفراد العائلة? غسل يديه... .... وغسلنا أدمغتنا! وبالغنا في التعاطي مع الذي حدث. يكفي, كلبنانيين, أن نفتح الدفاتر, وهي حافلة بالذكريات, عن الزيارات المشبوهة (المثيرة للذهول) وعن السهرات المشبوهة (المثيرة للذهول أكثر فأكثر). هذا لأن ما يعنينا أن نتعاطى بعقلانية مع الحتميات الاستراتيجية للعلاقات, فالمنطقة تعاني من الدوار. على الأقل, نستعيد كلاماً لمحمد حسنين هيكل: هل من مصلحة لبنان أن يتحطم المحيط العربي? هذا حتى لا نبقى رهينة في يد الذين يغسلون أيديهم, وألسنتهم, وضمائرهم بالذهب, وإلا فإن الجمهورية ستبقى مستودعاً للصراخ, والشكوك, والخلافات. هل ترانا نتوقف عند اللاجدوى, أم أن هناك ما هو أخطر بكثير ينتظرنا إذا ما أخذنا بالاعتبار أن أي شكل من الدوار تدور في داخله المنطقة.. غسل يديه... قال ما قاله. غريب أن القلة القليلة هي التي تذكرت من هو, وما هو, وماذا فعل, وكيف تصرف بالمشهد اللبناني تصرف من يعمل على بناء مزرعة, أو مغارة, لا على بناء دولة تتشكل فيها طبقة سياسية تتصف بالنزاهة, وعلو الشأن, والمناقبية, والبصيرة, لا بالعمى, والزبائنية, واللهاث وراء المال والسلطة أينما كانا وكيفما كانا. مرة أخرى, من أجل بقاء لبنان الذي لم يعد بحاجة إلى هذه الهزات المبرمجة, أو المفخخة, خصوصاً حين تصدر عن جهة ولغت بعيداً في أولئك بعيداً في لعبة الخراب والتخريب. غسل يديه... رجاء ألا تغسلوا أدمغتكم بهاتين اليدين! * كاتب وصحفي لبناني
|
|