تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الإعلام والحروب الباردة

إضاءات
الأثنين 16-11-2015
د.خلف علي المفتاح

يجافي الحقيقة - من وجهة نظرنا من يعتقد أن الإعلام أي إعلام محايد سياسياً فلكل وسيلة اعلامية هدف أو وظيفة تسعى لتحقيقها وإذا كانت وسائل الإعلام بشكل عام تنقل الاحداث إلا انها تسعى لوضعها في اطار عام يخدم الفكرة أو الهدف الذي تنشده

ولعل التوظيف السياسي لوسائل الإعلام أصبح الظاهرة التي تحكمه راهناً ومن خلال نظرة واقعية على ما تقوم به وسائل الإعلام الكبرى في اطار الصراعات الدولية والحروب الإعلامية الباردة يتشكل الانطباع بأن الوسائل الإعلامية أصبحت احد اهم وسائل السياسة العالمية خاصة عند الدول الكبرى ولعل الإعلام الأميركي يمثل النموذج الحي على ذلك حيث تبدو أهم وظائفه تجنيد الرأي العام العالمي تجاه رؤى معينة تتبناها الإدارة الأميركية والمثال القريب على ذلك تظهير الموقف الروسي من الحرب على الإرهاب والشراكة السورية الروسية ومحاولة تشويهه وإخراجه عن أهدافه الأساسية التي يدرك الجميع أنها تتعلق بالحرب الجدية على الإرهاب ومشروعيتها ومثال آخر يصب في نفس الاتجاه وهو التعاطي الإعلامي مع حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء فالرواية الأميركية انطلقت منذ البدء لتعزيز فرضية سقوط الطائرة بتفجير قنبلة في داخلها بهدف الاساءة لكل من مصر وروسيا الاتحادية حيث العلاقات المصرية الروسية بحالة تنام مستمر وهو ما يقلق الادارة الاميركية وقوى الغرب بشكل عام التي أبانت بمجملها الرواية الاميركية لا بل إن بعض الدول الاوربية سارعت الى وقف رحلات طائراتها الى شرم الشيخ قبل الكشف عن ملابسات سقوط الطائرة ما يعني تسييس القضية بدل المساعدة في الكشف عن الاسباب ومعالجتها وعلينا أن نتذكر كيف تعامل الغرب مع قصية اسقاط طائرة (بأن أميركان) في لوكريي وتحولت الى أداة ضغط وابتزاز سياسي ومالي على ليبيا وغيرها من الدول حيث انتهت الأمور بصفقة بين حكومة توني بلير والقيادة الليبية أيام حكم العقيد القذافي.‏

لقد اعتادت الولايات المتحدة الاميركية ان تقود العالم في كل شيء في ظل الخلل الحاصل في التوازن الدولي بعد تحلل الاتحاد السوفييتي السابق ما جعلها تعيش حالة كبرياء او تكبر بحيث لا ترى أخطاءها ومع بدء عودة التوازن في العلاقات الدولية أصبحت الإدارة الأميركية تنظر للأمور بطريقة مختلفة نسبياً الى درجة أنها تتحدث عن أخطاء حصلت أو جوانب تقصير في مساحات معينه في اطار سلوكها الدولي ولاسيما في قضايا شغلت المجتمع الدولي لعقود خلت وبالتحديد منذ نهاية الحرب الباردة ولعل المنظور الأميركي الى دول العالم وأنظمتها السياسية والذي كان قائماً على فلسفة (حتى تكون جيداً أفعل ما تريده أميركا) بدأ يتراجع في أكثر من مكان وكانت ساحة مواجهته وتحجيمه هي الساحة السورية التي كانت أول من واجه هذه السياسية التي لا تحترم ارادة وسيادة الدول واستقلالها وقرارها الوطني.‏

لقد استفاد الاعلام الاميركي من قوة ونفوذ الولايات المتحدة الاميركية وثقلها العسكري والاقتصادي وشكل ذراعاً سياسية لها وتحرك في مساحات الفراغ المتروكة بحكم عوامل تتعلق بضعف الإعلام الآخر المختلف مستفيداً من محدودية امكاناته وكوادره وكونه إعلاماً يخاطب نفسه أحياناً أو سلطته ثانياً ما جعله فاقداً للمصداقية والثقة وبالتالي الفعل المؤثر الأمر الذي ترك الساحة شبه خالية للإعلام الأميركي والغربي عموماً أو نسخته العربية ما جعله يعتاد أن تكون روايته هي الرواية الوحيدة لأي حدث كان وهذا يعني استئثاره بأحادية الرواية التي يتشكل وفقها الرأي العام وتبنى على ذلك ووفقه المواقف السياسية تجاه أي حدث سياسي دولي.‏

ومع كل ذلك ودرجة الاستئثار الأميركي بوسائل الإعلام فشلت الولايات المتحدة الأميركية بإقناع شعوب العالم بسياساتها الخاطئة وكان احد اسباب ذلك وجود مؤسسات اعلامية وازنة بدأت تدخل الساحة الإعلامية الدوليةَ بقوة وحملت وجهات نظر ورؤية مخالفة للرواية الأميركية في العديد من القضايا التي كانت حصرية الرواية ولعل الهجمة غبر المسبوقة من الاعلام الأميركي وبعض الساسة والدول الملتحقة بالسياسات الأميركية على قناة «أر تي» الروسية وقناة «الميادين» هو الدليل العملي على ذلك ولا ننسى قبل ذلك استهداف الإعلام الوطني السوري ومحاولة اسكات صوته في قضية وطنية تعنيه.‏

إن السعي لبناء منظومات إعلامية اقليمية ودولية لمواجهة الاستئثار الأميركي والغربي بصناعة وتسويق الأخبار والأحداث بات مسألة غاية في الأهمية لأننا أصبحنا أمام شكل جديد من أشكال الهيمنة تفرضه العولمة متمثلة بأحد اهم سياقاتها وأدواتها وهو السياق الإعلامي الذي يبدو للجميع أنه يمثل الاداة الفاعلة والفعالة في نسخة جديدة من حرب باردة يشهدها عالم اليوم.‏

khalaf.almuftah@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11369
القراءات: 1097
القراءات: 845
القراءات: 999
القراءات: 877
القراءات: 943
القراءات: 957
القراءات: 914
القراءات: 986
القراءات: 934
القراءات: 974
القراءات: 913
القراءات: 939
القراءات: 977
القراءات: 1032
القراءات: 994
القراءات: 1090
القراءات: 1070
القراءات: 991
القراءات: 1054
القراءات: 994
القراءات: 1020
القراءات: 1047
القراءات: 1081
القراءات: 1318
القراءات: 1234

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية