وعلى النسق نفسه صرنا نرى طقسا مشتركا في زيارات الدول أو في قمم الكبار حيث يقوم الرؤساء بزراعة أشجار تخلد الذكرى وتترجم الانشغال بمستقبل الأرض على أعلى المستويات.
في العديد من الدول العربية(أحدد العربية لأن البدعة المعنية عربية بامتياز) ألزم أصحاب المقاهي بالتأكد من بلوغ الزبائن سن الرشد قبل تقديم النرجيلة.
وعندنا تجري الأمور مسرعة إلى الخلف..قبل بضعة أعوام كان الشارع الذي أقطن فيه هادئا, مشجراً وارفاً ونظيفا, امتيازات اكتشفها الباحثون عن استثمارات مربحة, فبدؤوا يزرعون على جانبيه مقاهي لم تلبث أن انقلبت وبالاً على الحي والسكان وعلى البيئة والنشء.
في أول الأمر أدرك السادة المستثمرون أن الأشجار تعوق المارين عن اكتشاف المكان, كما تعوق الرواد عن تحويل العابرين إلى مادة للتندر وتبادل الملاحظات أو النكات عليهم, إذا ما تعثر تدفق الحديث, ثم أن الأشجار ترتفع حاجزاً أمام فعل الاستعراض لزبائن مياومين..ولأن القانون يمنع قطع الأشجار, فقد استبدل به حل الحرق دون دخان, يهلك الجذر ويبقي على الجذع ضامراً إلى أن يصبح التخلص منه مطلباً جمالياً لن يعترض عليه أحد.
ولأن المستثمرين يطورون الإنجاز ويتلافون أخطاء سابقيهم, فقد حولوا طلب الرخص الجديد من مطاعم تحتاج إلى ضوابط تحترم الجوار إلى رخص مقاه لا تحتاج إلى موافقتهم(هل يستطيع أحد أن يفهم مغزى التمييز?) ولأن رواد المقاهي خلال أسبوع العمل من المتعطلين والمدللين والمراهقين فقد صارت النرجيلة من لوازم الجلسة وصار منظر الفتية المدخنين مألوفاً بالنسبة لأطفال يطلون من نوافذ وشرفات منازلهم على ما كان أفنية دور ثم صارت بؤر إفساد علني.
لا نستطيع أن ندرك أو نوافق على مغزى تساهل السلطات المختصة في المحافظة أو سواها(رغم تعدد الشكاوى) عن تحول هؤلاء المستثمرين إلى أباطرة يرسمون العادات الجديدة والمزاج العام.
dianajabbour@yahoo.com