والتي تعد فرنسا أحد الاطراف الاساسية الفاعلة فيها بمراحل متعددة من الدفء والفتور وهو أمر مألوف في السياسة الدولية. وتأثر التعاون الاقتصادي السوري الاوربي بهذه المراحل. وقد تم توقيع عدد من الاتفاقيات السورية الاوربية يعود بعضها إلى عام 1977 عندما تم توقيع اتفاق تجاري مع السوق الاوربية المشتركة في حينه. تضمن هذا الاتفاق عدداً من المزايا للمنتجات السورية منها ما يخص الصناعات النسيجية. لكن قراءة متأنية لهذا الاتفاق تشير بوضوح إلى ان الاقتصاد السوري لم يستطع الاستفادة القصوى منه. تتالت منذ ذلك الحين المبادرات من الطرف الاوربي تجاه منطقتنا عامة وسورية خاصة.
بدأت تلك المبادرات الاوربية مع نضوج المظلة السياسية الاوربية المتمثلة بالسوق الاوربية المشتركة ثم باتفاقيات التعاون بين الاتحاد الاوربي والدول المتوسطية مروراً بمؤتمر برشلونة عام 1995 ثم سياسة الجوار وأخيراً نحن على وشك التوقف في محطة الاتحاد من أجل المتوسط.
التبدل في العلاقات السياسية بين الدول أمر عادي لكن دفء العلاقات السياسية يحمل معه دائماً فرصاً للتعاون الاقتصادي لا بد من اقتناصها والاستفادة القصوى منها.
وكان من ثمرات التعاون السوري الفرنسي مشاريع هامة كمطار دمشق في الثمانينات من القرن الماضي ومشاريع مياه في دمشق ومشاريع نفطية مازالت قائمة حتى الان وأحد أهم فنادق العاصمة السورية وكلها تقف لتقدم دلالة واضحة على الفوائد الاقتصادية لمراحل الدفء في العلاقات السياسية تتطلب الاستفادة الاقتصادية من دفء العلاقات السياسية عملاً مؤسساتياً ضخماً. ربما يبدأ هذا العمل بوزارة الخارجية مروراً بالوزارات الاقتصادية وحتى وزارات الخدمات التي من دون تعاونها وقدرتها على التفاعل ايجابياً والتعاطي بكفاءة مع المشاريع لا يمكن تصور نجاح هذه العلاقات. أما بالنسبة للقطاع الخاص فإن له دوراً هاماً , خاصة في مرحلة اعطى نظامنا الاقتصادي لهذا القطاع الدور الريادي في الاقتصاد الوطني.
هذا الدور لايكمن فقط في اقتناص الفرص والتفتيش عن الربح السريع بل بالبحث عن شراكات استراتيجية بين مؤسساتنا ومشاريعنا الوطنية وبين الشركات والمؤسسات الاوربية عامة والفرنسية خاصة, واننا في بلد يبحث عن استيراد المعرفة والتكنولوجيا. كثير من المشاريع له جدوى اقتصادية لكن هذه الجدوى مرتبطة بتوفر المعرفة الفنية والخبرة الادارية التي توفرها الشراكات الاستراتيجية. هذا العمل هو مؤسساتي ويستلزم عملاً ميدانياً وتمتيناً لأواصر العلاقات بين المؤسسات في كلا الجانبين. كما إنه من المهم أن تقوم غرف التجارة والصناعة بمحاولة دراسة مغذى العلاقات الاقتصادية و الاتفاقيات الناجمة عنها وأهميتها ومساعدة أعضائها في الاستفادة من هذه الاتفاقيات. مشروع مطار دمشق الدولي هو أحد الامثلة البارزة على مشروع بدأ في ظل دورة سياسية كانت العلاقات الفرنسية السورية تمر بمرحلة دفء لكنه ما لبث أن تعثر ربما بسبب تغير الدورة السياسية. في وقتها رصد الجانب الفرنسي مبلغاً لوضع الدراسات التصميمية وقرضاً آخر لتنفيذ المشروع. ولسبب أو لآخر تأخر تنفيذ الدراسات الفنية إلى أن وصلنا إلى مرحلة توقف العمل لأسباب متعددة وهذا ما أدى إلى تأخر تنفيذ مشروع تطوير مطار دمشق الدولي. عندما تنسج العلاقات الاقتصادية على أسس راسخة تصبح العلاقات السياسية أكثر حصانة تجاه التطورات والتقلبات نتيجة الصراعات الاقليمية والعالمية. توفر قمة باريس فرصة لتطوير العلاقات الاقتصادية السورية الفرنسية في مجال التنقيب عن النفط والطاقة الكهربائية والمواصلات والطيران والمبادلات التجارية بشكل عام.