تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التحرك الاستثنائي

افتتاحية
الأربعاء29-1-2020
علي نصر الله

«شكراً على كل ما فَعلته من أجل «إسرائيل»، وآمل أن نتمكن من صناعة التاريخ».

هذا ما قاله بنيامين نتنياهو لدونالد ترامب، فهل تتعلق دوافع الشكر فقط بـ «صفقة القرن» مشروع ترامب المُشترك مع استطالاته - وصهره - اليهودية؟‏

أم يتصل الأمر أيضاً بإجراء نقل السفارة الأميركية للقدس المحتلة؟ أم يمتد للاعتراف الأميركي بالجولان السوري المحتل كجزء من الكيان الصهيوني الغاصب؟‏

لكل ما تقدم يشكر نتنياهو ترامب، لكن من المؤكد أن مُكونات مروحة الإجراءات الأميركية الترامبية أوسع وأكبر وأشمل، وإلا فما مبرر حديث نتنياهو عن صناعة التاريخ؟ وعن أي تاريخ يتحدث وتجري صناعته هناك؟‏

هذا ما ينبغي التوقف عنده، لمحاولة فهمه أولاً، ولمواجهته ثانياً، ذلك أنّ المسألة ليست خطة سلام كما يدّعي ترامب، ولا فرصة كما يُسميها نتنياهو.‏

خطوة نقل السفارة وحدها، لو تمت مُنفردة فهي بكل التقديرات تُمثل حركة استثنائية قام بها ترامب وتَهيبها أسلافه، فما الحال إذاً وقد سبقها ما سبقها وتلاها ما تلاها؟ في هذه الحالة هي خطوة تنطوي فعلياً على محاولة صناعة تاريخ جديد للمنطقة، وربما للعالم إذا ما أعلن الغرب المُنافق التحاقه بواشنطن انخراطاً معها بتنفيذ إجراءات «صفقة القرن»!‏

الحركة الاستثنائية التي أقدم عليها ترامب، والتي تلتها حركات استثنائية أُخرى وصولاً إلى ما يجري بين الثالوث نتنياهو ترامب غانتس، تقتضي تحركاً استثنائياً، عربياً، إسلامياً، فلسطينياً، ودولياً، لا مكان فيه لعبارات الرفض ولا لبيانات الشجب، إذ لا يَرقى التنديد ولا الاستنكار لمستوى أداء ما يُوصف بأضعف الإيمان.‏

حين يتحدث نتنياهو عن صناعة التاريخ بالشراكة مع ترامب في لحظة الإطلاق لإجراءات «صفقة القرن» كاجترار لوعد بلفور، وكمُحاولة لشرعنة القيام بتهويد بيت لحم والقدس، بل كل فلسطين تصفية لها كقضية، فإن المخاطر تتجاوز حدود فلسطين والمنطقة، وبهذه الحالة فإن واجب إسقاط المشروع لا يترتب على الفلسطينيين والعرب والمسلمين فقط، بل يُمسي واجباً عالمياً، الأمم المتحدة مَعنية به قبل جامعة النعاج، والفاتيكان قبل الأزهر.‏

التحرك العالمي المطلوب لمواجهة جنون ترامب نتنياهو يجب أن يكون استثنائياً، فإما إعلان الالتحاق بأميركا وتحمل تبعاته، وإما مُواجهتها، الوقوف بالمنطقة الرمادية ممنوع قيمياً وأخلاقياً.‏

التحرك العربي في ظل جامعة النعاج التي تَختطفها أنظمة الخيانة والعمالة يُساوي العدم حتى لو قيل بالإعلام كذباً: إن الخليج لا يُمول صفقة ترامب نتنياهو.. الضرب في الميت حرام.‏

التحرك الفلسطيني في غزة والضفة والشتات لا يجوز أن يكون نَمطياً، تحديدُ يوم للتعبير عن الغضب، أو تخصيصُ عدة أيام لممارسة الإضراب! حتى إعلان التحرر من أوسلو وإنهاء حالة الانقسام لمصلحة الوحدة الوطنية لا يكفي.. المطلوب حركة شعبية رسمية استثنائية بحجم الخطر، ستَحظى بالدعم والتأييد، وتتشكل منها نواة المواجهة والمقاومة، ظَهيرها محور ينتصر، سيقوم بالواجب حتى لو تَخلّف الكل عنه.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي نصر الله
علي نصر الله

القراءات: 12372
القراءات: 1652
القراءات: 1306
القراءات: 1474
القراءات: 1427
القراءات: 1251
القراءات: 1487
القراءات: 1358
القراءات: 1470
القراءات: 1556
القراءات: 1564
القراءات: 1630
القراءات: 1899
القراءات: 1272
القراءات: 1347
القراءات: 1291
القراءات: 1664
القراءات: 1477
القراءات: 1431
القراءات: 1514
القراءات: 1469
القراءات: 1495
القراءات: 1466
القراءات: 1779
القراءات: 1478
القراءات: 1355

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية