غير أن الترهل والفساد يعيقان عمليات الجرد ونذكر هنا بعض الأمثلة من الواقع فالحرائق المفتعلة تتزامن عادة مع نهاية العام وتحديدا قبل الجرد السنوي وأذكر هنا حادثتان للحريق حصلتا العام الماضي في مثل هذه الفترة من العام .
الحادثة الأولى وقعت في مستودعات مديرية الجمارك العامة بدمشق وأدت إلى إصابة عاملين باختناقات وخسائر مادية ، والحادثة الثانية حصلت في مستودع تابع للتمريض بالمشفى الوطني في حمص وأكدت لجنة التحقيق بالحادث ان سبب الحريق يعود إلى وجود مواد قابلة للاشتعال والتبخر (كحول ) في جو مغلق حيث حصل انفجار للغاز داخل الغرفة وأدى ذلك إلى اشتعال بعض المواد البلاستيكية واقتصرت الاضرار على النواحي المادية .
وهناك عشرات الأمثلة التي تحدث سنويا وبعضها أصلا لاتعلم به الصحافة ويتم طيها ومسح آثارها ، عدا عن عشرات عمليات الجرد السنوية الخلبية أو حتى عدم إجرائها نهائيا طالما لا توجد متابعة ومحاسبة .
والمشكلة إذن لا تكمن بحدوث الحرائق ، إنما أيضا بعدم معرفة فاعليها وأسبابها وتسجيلها ضد مجهولين وهذا ما يشجع الفاسدين عبر شبكاتهم على تكرارها دون أن نقرأ خبرا واحدا عن عقوبات رادعة أو إحالة مسؤولين كبار بسبب فضائح الحرائق وهذا بدوره يدل على ضعف العمل المؤسساتي وأجهزة الرقابة الداخلية والحكومية العليا لتأخذ دورها .
وهنا نذكر بمسؤوليات إدارة المستودعات التي تتقاعس عن القيام بدورها سواء من خلال اللجان التي تشكلها أو محاضر الجرد التي تتأخر في إصدارها أو لا تصوغها بالشكل الصحيح ، وتنسى مسؤولياتها أيضا في الإشراف على تنفيذ الأنظمة واللوائح والقرارات المتعلقة بشؤون المستودعات التابعة لها ومراقبة تموينها والتفتيش عليها وتقدير الاحتياجات السنوية من مختلف الأصناف والتنسيق مع الإدارات والوحدات الأخرى ، إضافة إلى توفير وسائل الأمن والسلامة والتي تمنع حدوث الحرائق أو تلف المواد وغيرها وعمل دراسات عن الأصناف الراكدة والفاسدة والمكدسة وإبداء التوصيات بشأنها.
وبالنتيجة ..هل نتذكر مواعيد الجرد السنوي ونتابعها بجدية ..أم تتكرر الإجراءات القديمة لتمر مرور الكرام ..وهذا ما لا نأمله خصوصا ونحن في مرحلة الإصلاح ومحاربة الفساد بكل أشكاله ومهما كانت الظروف .