تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فتّش عن الصين !

اقتصاديات
الأحد 13/4/2008
عبد القادر حصرية

شهدت أسواقنا ارتفاعاً كبيراً في أسعار السلع والخدمات خلال السنتين الماضيتين لم تعرف مثيلاً له منذ سنوات. المتابع لما يكتب في صحافتنا ووسائل إعلامنا أو حتى في الاجتماعات يجد أن الكثيرين يضعون الأسباب الداخلية في المقدمة,

لكن المتابع للتطورات الاقتصادية العالمية يجد أن الأسباب الخارجية هي أهم بكثير من الأسباب المحلية, فارتفاع الأسعار لم ينحصر بالنفط فقط, وإنما شمل المواد الأولية من معادن وخامات, لكن يبقى ارتفاع أسعار النفط هو الأهم.‏

في السابق كان من السهل تحليل أسباب ارتفاع أسعار النفط فهو في الغالب نتيجة اضطرابات سياسية أو مخاطر حروب أو حتى حروب في مناطق الانتاج وأهمها الشرق الأوسط أو شتاء قاس في الدول المصنعة كالولايات المتحدة الأمريكية وأوربة أو قرار من الدول المنتجة للنفط ممثلة في منظمة الاقطار المصدرة للنفط أوبك بخفض الانتاج.‏

أما اليوم فارتفاع الأسعار له أسباب اقتصادية بحتة مرتبطة بتغير المعادلات الاقتصادية العالمية والعلاقات بين دول الانتاج ودول الاستهلاك للبضائع والمنتجات وليس للنفط. استطاعت الصين عبر موجة التصنيع الضخمة التي شهدتها خلال العقود الثلاثة الماضية ان تخفض الى حد كبير أسعار البضائع المصدرة الى دول العالم, وذلك بفضل رخص اليد العاملة والانتاج الكمي الكبير Mass production وهذا ما دفع الاستهلاك العالمي لهذه البضائع لأن يزداد الى حد كبير وتحول الاقتصاد الصيني الى اقتصاد ناشئ والأرقام التي صدرت حول الاقتصاد الصيني في العام 2007 تشير الى أن الناتج المحلي الاجمالي قد نما بمعدل 21% وأن حجم هذا الناتج قد وصل الى ثلاثة تريليون وخمسمئة مليار دولار أمريكي .‏

اليوم الاقتصاد الصيني هو في مرحلة تحول الى سوق ناشئ بمعنى أن يزداد الاستهلاك الصيني الداخلي للبضائع والخدمات مستفيدا من الفوائض التي تحققت عبر سنين طويلة من فائض التجارة الخارجية مع دول العالم, وأهمها الولايات المتحدة الأمريكية التي وصل العجز التجاري فيها في العام الماضي الى نحو ثمانمئة مليار دولار أمريكي من أصل ثلاثة تريليونات دولار أمريكي وهو حجم التجارة ا لخارجية الأمريكية سنويا. ما ينطبق على الاقتصاد الصيني ينطبق على اقتصادات كل من الهند وروسيا والبرازيل. كذلك هناك دوراً لأسواق المال في رفع أسعار السلع والمواد الخام خاصة بسبب الأسواق الآجلة التي يتم فيها البيع على أساس التسليم بعد فترة من الزمن وهي تزيد الطلب على هذه السلع والمواد الخام وغالبا دون ان يكون هناك طلب فعلي إذ أن هذا التداول وتثبيت الصفقات يتم بهامش ربحي بسيط قد لا يتجاوز عشرة بالمئة من الثمن. هناك احتمال كبير ان يستمر الصعود في أسعار السلع والمواد الخام, وهناك من يتحدث عن سيناريو يصل فيه سعر برميل النفط الى مئتي دولار أمريكي . اذا الوضع الحالي مرشح للاستمرار إن لم نقل للتزايديضع ضغوطاً كبيرة على المستهلكين في جميع أنحاء العالم ويدفعهم الى تغيير أولويات الاستهلاك .‏

بالنسبة لنا في سورية من الجدير وضع دراسة لهذه التطورات تهتم بثلاثة محاور, الأول هو دراسة الأثر الاقتصادي المحتمل للتطورات في أسعار السلع والنفط على الاقتصاد السوري, والثاني كيف يمكن الاستفادة من هذا الارتفاع والثالث هو كيف يمكن التعامل معه. الموضوع ليس قضية التعامل مع أزمة عابرة وإنما هو تعامل مع مشهد عالمي يتغير تبدو فيه الصين اللاعب الأهم!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 عبد القادر حصرية
عبد القادر حصرية

القراءات: 865
القراءات: 1385
القراءات: 869
القراءات: 967
القراءات: 883
القراءات: 1106
القراءات: 935
القراءات: 2066
القراءات: 899
القراءات: 1051
القراءات: 1212
القراءات: 961
القراءات: 1413
القراءات: 963
القراءات: 986
القراءات: 1092
القراءات: 1273
القراءات: 1139
القراءات: 1050
القراءات: 1112
القراءات: 1068
القراءات: 2181
القراءات: 1145
القراءات: 13295

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية