تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تغيير موقع الكاميرا

معاً على الطريق
الأثنين 13-8-2012
أنيسة عبود

ماذا حل بالدراما السورية؟

وأين الدراما السورية التي كانت تأسر المشاهد في رمضان؟‏

سؤال صعب..‏

قد لا يستطيع السوري الموجوع بوطنه وأهله وقيمه أن يجيب عليه.. فالمواطن السوري ينتظر الأخبار ولا ينتظر المسلسلات.. وخاصة بعد أن اعتاد على مشاهد الدماء والسواطير والتقطيع والخطف.. فمن يسمع حكايات المخطوفين من الشباب السوريين وفظاعة هذه الحكايات فلن تدهشه بقعة ضوء ولن تثير اهتمامه القفشات ولا المفارقات التي يجهد الممثل السوري في إيصالها.. لذلك ومن خلال مشاهداتي المتواضعة لما يعرض في رمضان.. أستطيع القول إن بعض الأعمال جاءت هذا العام باهتة ومكررة لدرجة الملل وخاصة بقعة ضوء. إذ كان من المفترض أن تتوقف هذه (البقعة الضوء) منذ العام الماضي وأن تتوقف شارته أو تتجدد على الأقل في لحنها وكلماتها، كي تعطي شعوراً مختلفاً للمشاهد أن هناك تجديداً وتغييراً يتلاءم مع متغيرات الواقع..‏

وإذا كانت صورة رجل الشرطة ورجل الأمن ممجوجة في السنوات الماضية وهي الصورة النمطية السلبية التي اعتمدتها بقعة ضوء وكررتها كثيراً فهذه الصورة اليوم - وفي ظل الأحداث الدموية والإجرامية التي راح ضحيتها عدد كبير من رجال الأمن والشرطة- غير مناسبة أبداً لتكون في إطار غير الإطار البطولي والوطني وإلا علينا تغيير زاوية الرؤية وتغيير موقع الكاميرا وإعادة النظر في قيمنا الوطنية وفي خطابنا الفكري والأخلاقي.‏

وإذا كانت بقعة ضوء منبثقة أساساً من مزايا ياسر العظمة فإن ياسر العظمة استطاع التجديد وبث الروح في مراياه أكثر من مرة إلى أن توقفت تقريباً بعد أن فقدت عنصر الدهشة.. فالأعمال الناجحة لا تظل أبداً ناجحة إلا إذا تجددت وجددت خطابها الفكري والاجتماعي ولبست ثوباً فنياً مناسباً وخاطبت العقل العربي المتحجر بلغة المستقبل لا بلغة الماضي المليء بالشوائب. وهنا يكون الانتقال إلى عمل جديد أفضل للمخرج وللممثلين.. وإذا كان لا بد من إعطاء أمثلة فالأمثلة كثيرة ومنها باب الحارة الذي فقد بريقه بعد الجزء الثاني لأن ما تبقى من أجزاء جاء على منوال الجزأين السابقين (قبضاي.. وحارة.. ونساء من كرتون، وعكيد وبيئة شامية) وهكذا تتكرر الشخصيات والأحداث ولا يبقى من رسالة العمل إلا الألوان والديكور.‏

لكن، لنعترف أن الأحداث المؤلمة في سورية أثرت كثيراً على المعطى الدرامي والإبداعي السوري.. ولا بد من تقديم الشكر والتقدير للفنانين الذين عملوا في هذه الظروف الصعبة التي غيرت الكثير من المفاهيم وقلبت الكثير من الصور.. ولا بد في المستقبل من تصحيح المسار الدرامي السوري - الذي نعتز به ونخاف عليه- ورفده بأفكار جديدة وتعميق خطابه الفكري بحيث يتخلص من ترهل الماضي ومن تستطيح الحاضر.. وهذا لا يتحقق إلا بالبحث عن نصوص جديدة خلاقة تخدم الهوية الوطنية والقيم الاجتماعية والجمالية.. وإذا كنا من محبي سورية وشعب سورية العظيم.. وليس من الذين يبيعون الوطن على أرصفة الغرب.. فعلينا أن نحمّل درامانا ونتاجنا الأدبي والفني ما يحمله الشعب السوري من حضارة ومحبة وإخاء ووطنية.‏

يكفي حتى الآن ما تناولته الدرما من حارات.. ويكفي ما أضاءته من سلبيات.. ولكن لا بد من الالتفات إلى المستقبل وإلى جيل المستقبل. وهنا يجب الاقتباس من كتاب الباحث -0 د. نزار إبراهيم (الخطاب الفكري في الدراما السورية) والذي أضاء على الدراما السورية منذ تحولها إلى سلعة تجارية، حتى دخول المال الخليجي فيها وبالتالي إنجراف الخطاب الفكري تبعاً لخطاب المال وما يريده هذا المال من تغييب الروح السورية وتغييب القيم السورية وتهميش الرموز الوطنية.‏

لكن وعلى الرغم من ضخ المال النفطي.. وضخ الألقاب.. وفتح بوابات القصور الأميرية لبعض الممثلين السوريين وانبهارهم بالذهب الملكي.. فلن يكونوا أكثر من ممثلين يرددون ما يمليه عليهم الدولار.. أما النجوم فهم الذين تصنعهم أوطانهم وشعوبهم وتتوجهم كمبدعين كبار.. وكلنا يلاحظ الآن انطفاء نجومية الكثيرين وانزياحهم من الذاكرة السورية لأن من لا يخلص لشعبه فلن يخلص لإبداعه.. وكما ينسى.. الشعب ينسى.. لكن التاريخ لن ينسى أبداً مع أن التزوير سمة هذا العصر البترولي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أنيسة عبود
أنيسة عبود

القراءات: 634
القراءات: 741
القراءات: 688
القراءات: 641
القراءات: 660
القراءات: 608
القراءات: 627
القراءات: 824
القراءات: 874
القراءات: 713
القراءات: 688
القراءات: 711
القراءات: 710
القراءات: 802
القراءات: 706
القراءات: 707
القراءات: 693
القراءات: 776
القراءات: 686
القراءات: 834
القراءات: 696
القراءات: 745
القراءات: 835
القراءات: 913
القراءات: 708

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية