واذا كان من دلالات هذه الجلسات انها تعكس حدة الجدل الدائر حول الانسحاب من العراق بين مؤيد يرى فيه ضرورة وحتمية لا بد من ان تحصل , وبين رافض له تحت ذريعة انه يحمل مخاطر متعددة , فان هذه الجلسات تحمل دلالات اخرى تشير الى ان حكومتي بوش والمالكي تتعرضان في واقع الامر لضغوط هائلة من المرجح انهما لن تتمكنا من احتمالها طويلا.
فالخطط والخطط الامنية البديلة انتهت جميعها الى الاخفاق , ولان الخطط السياسية غير متوفرة بسبب من اعتقاد معوج ورؤية غير واقعية او تتعمد تزوير الواقع, فان تحقيق اي تقدم هو ضرب من المستحيل , ذلك ان المحتل وبعض الاطراف الخاضعة للاحتلال تتطابق نظرتهما الى ان العراق يرزح تحت وطأة سلسلة من الصراعات السياسية والاثنية المتداخلة والمعقدة.
ويتجاهل الطرفان حقيقة ان العراق يرزح تحت وطأة الاحتلال, وبسبب الاحتلال وحده , وبسبب استمراره فقط تفجرت هذه الصراعات وبات العراق مهددا بمزيد من الانقسامات ذات الطابع العرقي أو الطائفي الغريبة عليه تاريخياً.
اخر اعترافات السفير الاميركي في بغداد ريان كروكر والجنرال ديفيد بترايوس عبر الدائرة التلفزيونية مع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ هي انه سيكون من الصعب الالتزام بتحقيق تقدم يذكر بحلول ايلول القادم, مايعني ان مطالبة الجمهوريين والديمقراطيين بضرورة الاسراع بفض الاشتباك والانسحاب من العراق هي مطالبة في محلها , لان الوقت يتناقص والقدرة على المناورة تتقلص , وسيكون مع هذا وذاك من غير المجدي حتى اجتهاد بوش وبحثه عن سبل تحفظ له ماء الوجه.
وهنا ربما يكون من المفيد ومن الواجب على الجميع ان يتفهم ماقاله السناتور الجمهوري جوج فيونفيتش من انه على العراق ان يدرك ان الدعم الامريكي يتراجع , ومن الواجب ان يتفهم الجميع ماقاله السناتور الديمقراطي جون كيري من انه ينبغي على ادارة بوش ان تخطط لانقاذ الارواح وليس لحفظ ماء الوجه, وتبقى الخشية من ان كل ماقيل ويقال يذهب ادراج الرياح اذ تصح في بوش ومعارضيه في الكونغرس مقولة: قد اسمعت لوناديت حياً .. ولكن لاحياة لمن تنادي!!.