| الإغواء.. والاستقواء.. وقلة الحياء معاً على الطريق لم يكن لصبيان السياسة وغلمانها في لبنان أن يتمادوا في غيهم وأن يمعنوا في سفاهاتهم وأن يسترسلوا في سقاطاتهم وأن يتوغلوا في عمالتهم وتبعيتهم لأميركا وفرنسا لولا هذا العطب الخطير. وأمام هذا الانفصام الحاد والطلاق البائن الذي جرى يوم الجمعة الفائت بين القوى الوطنية الشريفة المقاومة في لبنان وبين قوى التبعية والعمالة والنذالة نرى من يقول عبارات مثل.. إن سائر اللبنانيين.. إن كافة المرجعيات الدينية.. بنوع من التضليل الذي لم يعد بالامكان احتماله. وواضح أنه لم يكن ليتجاسر أحد على التفوه بمثل هذا الكلام المضلل الخطير لولا استخدام عبارات ديماغوجية مثل.. المجتمع الدولي.. الإرادة الدولية.. دول العالم.. وما أشبه ذلك من ترهات روجها القطب الأوحد في التضليل وتزوير الحقائق. ولو لم يتواطأ الاعراب والمتأسلمون مع الحلف الأميركي -الإسرائىلي لكان جرى وضع حد نهائي لمسألة الخلط المبرمج بين مفهوم الارهاب وبين مفهوم المقاومة الوطنية, ولكنا أحرجنا الغرب كله بوضع حد نهائي لتوصيف شخصيات من أمثال جورج واشنطن وشارل ديغول وأمثالهما, بوضعهما نهائياً إما في خانة ابطال التحرر الوطني أو في خانة الارهاب. والغريب العجيب أن الكيان الصهيوني الغاصب الذي يدعي التحضر والديمقراطية تأسس وقام دون أدنى لبس أو غموض أو خلاف على الارهاب, فأبرز قادته وحكامه شكلوا رأس الهرم في عصابات الهاغاناه وشتيرن والبالماخ, وارتكبوا أبشع الاعمال الارهابية من نسف فندق الملك داوود في القدس واغتيال الكونت برنادوت وقتل الجنود البريطانيين في فلسطين وارتكاب مجازر دير ياسين وكفر قاسم وقبية وبحر البقر وداعل مروراً بمجازر صبرا وشاتيلا وقانا الأولى والثانية انتهاء بمجزرة دير حانون. ورغم كل تلك الفظائع التي تزكم الأنوف فإن هذا الكيان الصهيوني البائس الحقير المتهتك المتآكل يتهم المقاومة الفلسطينية واللبنانية الباسلة الشريفة بالارهاب, والأنكى من ذلك كله هو مصافحة بعض الأعراب والمتأسلمين لرموز هذا الكيان الاجرامي لا بل معانقتهم وتبادل القبلات معهم. ربما أن من أبشع ما ارتكبته الغالبية العظمى من المعارضة العربية هو فقدانها للبوصلة وعدم تحديد موقفها من العدو الأول وشبه الوحيد وأعني التحالف الأميركي -الصهيوني, ورفع الكلفة والعبث بأمن الوطن واستقلاله, فمن في العراق كله لا يترحم على أيام صدام حسين رغم إدانتنا الكاملة لنظامه? بعض مظاهر قلة الحياء أن جورج بوش الذي يعاني من قصور فكري وسياسي ومعرفي يتبجح بوقاحة عز نظيرها بأنه سيجعل من العراق مثالاً يحتذى في الديمقراطية, رغم شعوره العميق بأن ما من قوة قادرة على انتشاله من أوحال المستنقع العراقي. وبعض مظاهر قلة الحياء أن إدارة بوش التي انتهكت الشرعية الدولية ومختلف القيم والأعراف بغزوها للعراق بتهم ثبت بطلانها والتي بسطت سيطرتها الكاملة على لبنان تطالب سورية بعدم التدخل في العراق أو فلسطين أو لبنان. وبعض مظاهر قلة الحياء العربية هو وضع المحور السوري -الإيراني والمحور الأميركي- الفرنسي في سلة واحدة تحت لافتة التدخل الأجنبي..يا عيب الشوم!! ومع غياب المعايير والقيم والمبادىء الوطنية يبقى الاغواء هو السيد الآمر الناهي في مجال المال والسياسة, وعلى الأخص حين يأخذ غطاء أميركيا-إسرائيليا, فيتعاضد عندها مع الاستقواء ليطيح بكامل المنظومة الأخلاقية, فتصبح العمالة اعتدالا وتصير المقاومة الشريفة مغامرة, وتتحول الثوابت الوطنية من مجابهة العدو الصهيوني وتحرير الأرض ومناصرة الشعب الفلسطيني المجوع الذبيح الى الاستماتة في الدفاع عن القرارين 1559 و1701 وتشكيل المحكمة الدولية ومؤتمر باريس (3). وحين يجري التصريح بأنه لا باريس (3) دون حكومة السنيورة فإنه يجدر التيقن بأن مصلحة لبنان هي آخر ما تفكر به أميركا, وأن الديمقراطية هي آخر ما يخطر ببالها وعلى الأخص بعد محاولة خنقها لحكومة حماس المنتخبة مئة بالمئة ديمقراطيا. لعل من مهازل الغرب أن وليد بيك!! جنبلاط أحد أبرز أمراء الحرب الأهلية اللبنانية وسفاح الجبل وسارق صندوق المهجرين وأحد أكبر الاقطاعيين يعتبر اشتراكيا عتيدا!! ومدللا لدى الاشتراكية الدولية!! burhanboukhari@ gmail.com
|
|