وهذا الاتهام ليس تجنياً على الإبراهيمي إطلاقاً، فهناك الكثير من الأدلة الحسية والمادية التي تؤيد هذا الاتهام، وآخرها تصريحه من مقر التآمر العربي على سورية «الجامعة العربية» وقوله: إن الأمور بدأت في سورية على شكل انتفاضة سلمية مطالبة بالديمقراطية ثم تحولت إلى صراع طائفي وفي ذلك تجاوز لجوهر مهمته ولاتفاق جنيف ومحاولة مكشوفة لغسل أيادي المتورطين بالمؤامرة على سورية من الدماء السورية.
مع الأسف، لم يفعل الإبراهيمي منذ اليوم الأول لبدء مهمته سوى القول إن الأوضاع في سورية خطيرة للغاية والإدلاء بتصريحات ثم التراجع عنها، وسوق التبريرات لانحيازه مبدئياً، وتورطه لاحقاً في إطالة أمد الأزمة بدلاً من العمل لدعم الحل السياسي الذي قدمته الدولة السورية.
وعلى ما يبدو أنه جرت عملية مسح حقيقية لعقل الإبراهيمي لدرجة أنه لم يعد من الممكن تمييز تصريحاته عن نظيراتها من «شيوخ الديمقراطية في قطر والسعودية» وكذلك الأمر تصريحات نبيل العربي الذي وقع منذ اليوم الأول لطرح الأزمة في سورية أسير إغراءات النماذج المتطورة للديمقراطية في منطقة الخليج العربي ودولاراتها النفطية.
وانطلاقاً من عملية المسح هذه لم يتوان الإبراهيمي يوماً عن النفخ في النار الطائفية متجاهلاً الواقع على الأرض السورية وتماسك مؤسسات الدولة التي تحتضن «الفسيفساء السورية» والأهم من ذلك كله هو الهدوء الذي يعم المناطق التي تجمع بين ثناياها جميع الألوان السورية. الأمر الذي يؤكد على نحو حاسم وجازم غياب كل مقومات مزاعم الصدام الطائفي الذي يتحدث عنه الإبراهيمي والذي يرفضه الشعب السوري بجميع مكوناته الوطنية.
من الواضح أن الإبراهيمي يحاول جاهداً تغذية وباء الطائفية لدى البعض من السوريين الذين ارتضوا لسبب أو لآخر الانخراط في حرب قذرة ضد وطنهم، ولكن نطمئن الإبراهيمي أن مثل هؤلاء ليس لهم مكان في سورية المستقبل والحالة الوطنية السورية كفيلة بتعريتهم ونبذهم إلى الأماكن القذرة التي تحتوي أمثالهم.
لقد كان لزاماً على الإبراهيمي قبل أن يسيء إلى الشعب السوري ويتهمه زوراً وبهتاناً بالطائفية أن يسأل نفسه: إلى أين يلتجئ السوريون الهاربون من الإرهابيين المرتزقة وجرائمهم داخل الوطن السوري؟
وهل لجوء الكثير من أبناء حلب وإدلب وحمص وريف دمشق إلى طرطوس واللاذقية وريف حماة والحسكة والسويداء ودمشق العاصمة يدعم اتهامه هذا أم يعريه ويكشف أهدافه؟
إن الشعب السوري كشقيقه الجزائري ينبذ الطائفية ويطرد مغذيها وعلى ما يبدو أن مسح ذاكرة الإبراهيمي أنساه تاريخ سورية والجزائر الذي لم يلوثه «المرض الطائفي» ولذلك نحن نبرئ الشعب الجزائري من إساءة الابراهيمي إلى الشعب السوري ونقول لموفد أميركا وأدواتها المثل اللبناني المعروف: «يلي فيه مسلة تحت باطه بتنغزه».