تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الأعمى بين كثبان الرمل!

معاً على الطريق
الثلاثاء 12-11-2013
خالد الأشهب

سوري ما .. اتصل بي إلى مكتبي في صحيفة الثورة معرفاً بنفسه «مواطن عادي» وشاكياً انسياق لغتنا الإعلامية العفوي وراء استخدام توصيف «سعودي» لما أسماه أرض أو بلاد نجد والحجاز وأهلها وسكانها...

هذه أرض الحجاز يا أخي وليس مملكة سعود, وهؤلاء عرب الحجاز وليسوا سعوديين .. فهل تختصر كل قبائل العرب وعشائرهم وأفخاذهم وبطونهم وأصولهم بآل سعود, وهل يختزل التاريخ والجغرافيا بما فيهما الأرض والتنزيل المقدسين بمملكة سعود الآيلة للسقوط طال زمانها أم قصر؟‏

ومع أن شكوى الرجل محقة تماماً وكذلك تصويبه ذلك التوصيف, إلا أن ما لفتني هو تعريفه بنفسه بأنه «مواطن سوري عادي» دون نسب عائلي أو قبلي أو ديني أو سياسي, وخارج تصنيفات الموالين أو المعارضين أو الصامتين أو الحائرين.. مع أنه.. وبواحد من هذه الأنساب ربما يكون ذلك المتصل وعائلته ضارباً في عمق هذه الأرض السورية عشرة آلاف عام من التاريخ والحضارة .. وليس مجرد كثيب رمل تذروه رياح الربع الخالي ولعنة النفط بين هنا وهناك ! فهل يفكر أهل جزيرة العرب من نجد وحجاز وغيرها بهذه الطريقة, بل هل يجرؤ أحدهم أن يوصف نفسه بأنه نجدي أو حجازي دون أن يخبرك أنه سعودي أولاً؟‏

أعجب لأهل جزيرة العرب.. وهم على ما يفترض بهم أهل نخوة وفروسية وصحابة قداسة ونبوة, ورواد تحرر واستقلال, وعلى ما يدعونه ويثرثرون فيه من صلات دم ووشائج قربى بالحسب والنسب وبالأصول والجذور, أعجب لهؤلاء أن يطأطئوا الرأس والهامة... وكذلك «الحطة والعقال» أمام ثلة من طغاة عائلة متحكمة يكشف العديد من دراسات النسب والأصول عن أصولهم الخيبرية, وعن ولائهم التاريخي المزمن لكل قوى الشر والعدوان .. ولو تمسحوا ظاهراً بالدين وتلبسوا لباس السنة والحديث!‏

أعجب لأهل نجد والحجاز وغيرها كيف يستكينون صاغرين لجوع الكثيرون منهم ولتشرد آخرين على أرضهم.. وهم السابحون على بحور النفط والثروة المهداة مجاناً لكل من هب ودب من صهاينة ومتصهينين.. وبينما المليارات من الدولارات تدفع بين حين وحين ثمناً لفولاذ أميركي لا يلبث حتى يتحول خردة في بضع سنين, بل ثمناً لملذات فردية كل الأحيان.‏

أعجب لهؤلاء كيف ينتخون لثلتهم الطاغية إياها وهي ترشو حيناً وتتسول حيناً نعال الأغراب وغربانهم وخناجرهم كي تطأ أرض السوريين ومن يفترض أنهم, بحسب ثرثرة صلات الدم ووشائج قربى الحسب والنسب, إخوتهم فتدمر عمائرهم وتسفك دمهم, بل أعجب لهؤلاء كيف يستوون بإبلهم وماشيتهم في السوق والانقياد الأعمى.. إذ كلاهما يساق.. فلا فرق بين راع ورعاع بينهم!‏

يكفيك صديقي المتصل شرفاً وفخراً وحسباً ونسباً أن تكون مواطناً عادياً من سورية على أن تكون عباءة مطرزة بخيوط الذهب.. ومحشوة بالأحقاد والخناجر والانحطاط؟‏

يكفيك صديقي المتصل نبلاً وأصالة أن تكون سوري الهوى والهوية ولو كنت جائعاً أو جريحاً أو شهيداً عن أن تكون رأساً في قطيع «طرش».. ناقة أو قاعوداً مجللاً بالذهب مبللاً بالنفط ومعلوفاً بأكداس الدولارات, تهرول بين كثبان الرمل على غير هدى.. كالعميان!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد الأشهب
خالد الأشهب

القراءات: 2132
القراءات: 2045
القراءات: 2451
القراءات: 2415
القراءات: 2187
القراءات: 2540
القراءات: 2508
القراءات: 2438
القراءات: 2206
القراءات: 2529
القراءات: 2742
القراءات: 2638
القراءات: 2330
القراءات: 2793
القراءات: 2847
القراءات: 2950
القراءات: 2729
القراءات: 3108
القراءات: 3058
القراءات: 3159
القراءات: 2560
القراءات: 3022
القراءات: 3513
القراءات: 3274
القراءات: 3330

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية