بعناية وروية وبحساب دقيق، والمروجون والمدبرون والمنفذون حضروا ونسقوا وحددوا المكان «الجيومجتمعي» ولحظة الصفر والدليل تجمعهم من عدة مناطق متباعدة أملا باحداث التحول والانطلاقة «لفتنة بغيضة» لن يكون مسرحها ارض الشمس فقط. من يعرف المنطقة من خارجها يعي حقيقة كل ذلك ويدرك الأهداف المرتجاة من هذه المجزرة التي تتجاوز حدود تفكير الإرهابيين المنفذين.
فاسم «الحولة» يرن في كل المنطقة وبيوتها المبعثرة على نحو يصعب على العقل تصوره، يجعل كل عين تراها لن تغيب عنها كل الزمن ويعكس في نفس الوقت حقائق أخرى عنها، ولذلك اختيرت لتكون المسرح الدموي لأهداف المخابرات الغربية القطرية التي تعبث في سورية عبر مجموعات إرهابية مسلحة أعماها الحقد والمال والسلاح، وجعلت من أبناء الوطن هدفاً لها في كل مكان.
معطيات المجزرة توضحت أكثر بالأمس مع إعلان رئيس اللجنة المكلفة التحقيق أن الضحايا هم مواطنون مسالمون يلتزمون بالقانون والنظام وقيم المجتمع رفضوا أن يضعوا أنفسهم كرات لهب بيد الإرهابيين الذين لم يعجبهم هذا الوضع الطبيعي المسالم الغالب للمجتمع السوري بكل أطيافه فنفذوا جريمتهم بدم بارد.
ما يظهر من معلومات وما سيتم إظهاره عبر التحقيق سيبين أن الضحايا المسالمين والمغرر بهم معاً هم ضحايا بكل معنى الكلمة، فالأهداف التي تقف وراء اختيار مسرح المجزرة أكبر من الحولة وتصل إلى أبعد من سورية ولكن حضارة الشعب السوري وفطرته انتصرت على هذه الاهداف وخاب ظن محضري المسرح وأدواتهم.
ما كشف حتى اليوم عن تورط أجهزة مخابرات خارجية في هذه المجزرة «بريطانية قطرية فرنسية» لم يعد بالشيء الجديد ولكن المستجد الخطير في ذلك هو معلومات اكدت إشراف مجموعة قطرية فرنسية على التحضير والتنفيذ بعد أن استبدلت ثيابها بأخرى مشابهة للباس الجيش العربي السوري قبل القيام بالمجزرة، وقامت بالاتصال مع المراقبين الدوليين لإخبارهم بها قبل نصف ساعة من اتصال المسؤولين السوريين مع رئيس بعثة المراقبين الدولية.
وتصب هذه المعلومات مع أخرى أوردتها وكالات أنباء عالمية عن إفادة طفل نجا من المجزرة ذكر فيها أن أحد المسلحين كان حليق الرأس وطويل اللحية من ضمن المجموعة التي قتلت عائلته.
ويضاف إلى ذلك صور عرضتها بعض القنوات الناطقة باسم المجموعات الإرهابية المسلحة من ساحة المجزرة والتي بينت وجود أشخاص سحنتهم سمراء يسرحون بين الجثث غير آبهين أو مكترثين بعملية إنقاذهم ولعلهم يقضون على من لم تقتله «بلطاتهم» القاطعة.
ان الارتباط بين المخابرات القطرية والفرنسية يقترن للمرة الثانية في «الحولة» بعد المسرح الليبي، ولكن الفارق أن الحولة في سورية وبنغازي في ليبيا ولذلك كانت النتائج مختلفة والقياس غير دقيق والرد بالتأكيد سيكون مختلفا.
المتربصون شراً بسورية أرادوا أن تكون مجزرة الحولة لحظة فصل دموي دون حساب لعواقب الفشل ولكن الشعب السوري نجح في جعل مجزرة الحولة لحظة وصل في مكافحة الإرهاب ومفصلاً في رفضه الانجرار خلف أهداف أعدائه البغيضة، وفي الأيام القادمة سيعرف هؤلاء الأعداء الخائبون وأدواتهم الإرهابية أن تاريخ هذه المجزرة سيكون مفصلا في دحرهم وهزيمتهم.