وعن القرار الأميركي ربما, ما يعني أن ثمة ما ينبغي أن تقوم به هذه الإدارة في عامها الأخير, لا لتنظف به وجهها البشع الذي أظهرته للعالم طيلة سبع سنوات فقط, بل ولتقنع الأميركيين أولاً وعلى الأقل بأن التيار السياسي الذي أنتج وقدم هكذا إدارة, قابل لإقناعهم من جديد بأن لديه من البدائل والإدارات ما لا يورطهم مجدداً بأكثر من حرب وأزمة دولية, وأن مثل هذه البدائل الممكنة يمكن ألا تكون صنيعة إيديولوجيا متطرفة وشوفينية, أو امتداداً لاستثمارات وكارتيلات نفطية أو فولاذية أو مصرفية.
على هذا, يمكن أن نصدق أن تقرير المخابرات الأميركية حول الملف النووي خرج من وراء ظهر إدارة الرئيس بوش في محاولة لفرملة إدارته ومنعها عن سوق أميركا والأميركيين إلى ورطات جديدة, ويمكن أن نصدق أيضاً أن التقرير لم يخرج إلا من بين أصابع هذه الإدارة لتجد فيه مبرراً يبرر تراجعها عن تهديداتها المعلنة وحتى المستترة منها وبماء وجه وفير.
لكن, في مواقع أخرى من ورطات هذه الإدارة وسقطاتها, لا تزال تتصرف كما لو أنها المنتصرة وهي المهزومة, ولا تزال تتدخل وتتداخل في بيئة الورطة كما لو أن لها العمر المديد الذي يسمح لها بالمناورة وتغيير الأقنعة, والأسوأ أنها ورطت معها أذناباً محليين من موقع الورطة يتصرفون بدورهم كما لو أن مورطيهم باقون أبد الدهر.
لعل إدارة الرئيس بوش, وبعد كل ما تسببت به من أحزان وآلام ودمار وموت للآخرين وإحباط ونزيف مستمر للأميركيين, أدركت أن أي سلوك حسن لم يعد قادراً على التخفيف من بشاعة وجهها أمام العالم ولو امتد عاماً كاملاً وهو الأخير في عمرها, فقررت مواصلة تبديل الأقنعة في لعبة مملة وسمجة يلعبها من يتوهمون عادة أن ثمة أنصاف انتصارات وأنصاف هزائم.