وبعدما جددت تحريضها لمجلس الأمن بالمضي قدماً في إقرار العقوبات وتشديدها, وبعدما طالبت الوثيقة الصادرة عن مؤتمر مراجعة اتفاقية حظر الانتشار النووي إسرائيل بالانضمام إلى المعاهدة وفتح منشآتها النووية للتفتيش الدولي.. بات واضحا أن أميركا لا تريد العنب ولا السلة فارغة, بل, وببساطة, تريد قتل الناطور !
ومن الواضح أيضاً أن التهديد المزعوم للمشروع النووي الإيراني على الأمن القومي الأميركي هو مجرد حجة أو ذريعة لتهويل الأمر أولاً ومن ثم محاولة اختلاق مبررات لعداء إيران ومشروعها ثانيا, إذ إن مثل هذا التهديد ينبغي نظريا أن يحرض الجار الأقرب إلى إيران أي تركيا, في حين أن تركيا هي التي رعت الاتفاق الثلاثي الذي رفضته واشنطن بالأمس ووصفته بغير المقبول .
ولعل التجربة التاريخية أثبتت للأميركيين قبل غيرهم, أن العقوبات كورقة سياسية ضاغطة قد أثبتت فشلها دائما, ولم تعد قادرة على تحقيق الأهداف التي يرجوها فارضو هذه العقوبات, وخاصة إزاء إيران اليوم التي تمتلك من قدرات الاكتفاء الذاتي ومن الحضور الإقليمي الواسع ما يجعلها عصية على الأخذ والاختراق بهذه الورقة .
بالأمس أسقط الرئيس باراك أوباما من الاستراتيجية الأميركية الجديدة للأمن القومي مصطلح « الحرب على الإرهاب» كخطوة أولى نحو إعادة تطبيع العلاقات مع العالم , فإذا كان ذلك تعبيرا جادا عن نيات صادقة لإصلاح العلاقة الأميركية مع العالم, فإن الأولى بإدارة الرئيس أوباما أن تؤسس لمناخات التطبيع والحوار, لا لأجواء التوتير والتصعيد. وبالتالي, أن تنحو نحواً دبلوماسياً بحتاً في التعامل مع المشكلات العالمية عامة, وفي مقدمتها المشروع النووي الإيراني, وأن تنظر إليه بعين التوازي والمساواة مع غيره من المشاريع, فلا تمارس العداء ضده قبل أن تلزم إسرائيل التخلص من ترسانتها النووية وعرض مشروعها النووي المزمن للتفتيش والرقابة الدولية ... أم أن خيار قتل الناطور لا يزال قائما ؟